و أمّا العامّة فقد اختلفوا:
فللشافعي أقوال ثلاثة:
أحدها: أنّه يدخل الموصى به في ملك الموصى له بموت الموصي بغير اختياره، كما يدخل الميراث في ملك الورثة، و يستقرّ بقبوله.
و هو قول غير مشهور بينهم.
و وجهه: أنّه يستحقّه بالموت، فأشبه الميراث، و لأنّه لا يجوز أن يبقى على ملك الميّت؛ لأنّه صار جمادا، و لا يجوز أن ينتقل إلى الورثة؛ لأنّ اللّه تعالى قال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ (١) فثبت أنّه ينتقل إلى الموصى له.
و الثاني: أنّ الموصى له يملك ما أوصي له بالقبول؛ لأنّه تمليك بعقد، فيتوقّف الملك فيه على القبول، كما في البيع و نحوه، و به قال مالك و أبو حنيفة و أحمد و أهل العراق(٢).
و على هذا فالملك قبل القبول للوارث، أو يبقى للميّت ؟ فيه للشافعيّة و جهان، أصحّهما: الأوّل.
و الثالث - و هو أصحّ الأقوال عند الشافعيّة، و به قال المزني -: أنّ الملك موقوف في الحال، فإن قبل تبيّنّا أنّه ملك من يوم الموت، و إلاّ تبيّنّا أنّه كان ملكا للوارث من يومئذ؛ لأنّه لو ملك بالموت لما ارتدّ بالردّ، كالميراث، و بتقدير أن يرتدّ وجب أن يكون انتقاله إليهم بحسب الهبة منه، لا بحسب الإرث من الموصي.٦.
١- سورة النساء ١١:٤.
٢- المغني ٤٧١:٦، الشرح الكبير ٤٧٨:٦.