( الفصل الخامس )
في ذكر وفاته عليهالسلام وسببها
ذكروا : أنّ الرشيد قبضه عليهالسلام لمّا ورد إلى المدينة قاصدا للحجّ ، وقيّده واستدعى قبّتين جعله في إحداهما على بغل وجعل القبّة الاخرى على بغل آخر ، وخرج البغلان من داره مع كلّ واحد منهما خيل ، فافترقت الخيل فمضى بعضها مع إحدى القبّتين على طريق البصرة ، وبعضها مع الاخرى على طريق الكوفة ، وكان عليهالسلام في القبة التي تسير على طريق البصرة ـ وإنّما فعل ذلك الرشيد ليعمي على الناس الخبر ـ وأمر أن يسلّم إلى عيسى بن جعفر بن المنصور فحبسه عنده سنة ، ثمّ كتب إليه الرشيد في دمه فاستعفى عيسى منه ، فوجّه الرشيد من تسلّمه منه ، وصيّر به إلى بغداد ، وسلّم إلى الفضل بن الربيع وبقي عنده مدّة طويلة ، ثمّ أراده الرشيد على شيء من أمره فأبى فأمر بتسليمه إلى الفضل بن يحيى ، فجعله في بعض دوره ووضع عليه الرصد ، فكان عليهالسلام مشغولا بالعبادة ، يحيي الليل كلّه صلاة وقراءة للقرآن ، ويصوم النهار في أكثر الأيّام ، ولا يصرف وجهه عن المحراب ، فوسّع عليه الفضل بن يحيى وأكرمه.
فبلغ ذلك الرشيد وهو بالرقّة فكتب إليه يأمره بقتله ، فتوقّف عن ذلك ، فاغتاظ الرشيد لذلك وتغيّر عليه وأمر به فادخل على العبّاس بن محمد وجرّد وضرب مائة سوط ، وامر بتسليم موسى بن جعفر عليهماالسلام إلى السندي ابن شاهك.
وبلغ يحيى بن خالد الخبر ، فركب إلى الرشيد وقال له : أنا أكفل بما تريد ، ثمّ خرج إلى بغداد ودعا بالسندي وأمره فيه بأمره ، فامتثله وسمّه في