( الفصل الرابع )
في ذكر طرف من خصائصه ومناقبه وأخلاقه الكريمة عليهالسلام
محمد بن يحيى الصولي ، عن ابن ذكوان قال : سمعت إبراهيم بن العبّاس يقول : ما رأيت الرضا عليهالسلام سئل عن شيء قطّ إلاّ علمه ، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته وعصره ، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كلّ شيء فيجيب عنه ، وكان كلامه كلّه وجوابه وتمثّله انتزاعات من القرآن ، وكان يختمه في كلّ ثلاث ويقول : « لو أنّي أردت أن أختمه في أقرب من ثلاث لختمت ، ولكنّي ما مررت بآية قطّ إلاّ فكّرت فيها وفي أيّ شيء انزلت وفي أيّ وقت ، فلذلك صرت أختمه في كلّ ثلاث » (١).
وفي رواية اخرى : عن إبراهيم بن هاشم ، عن إبراهيم بن العبّاس أنّه قال : ما رأيت ولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا ، وشاهدت منه ما لم اشاهده من أحد ، وما رأيته جفا أحدا بكلامه قط ، ولا رأيته قطع على أحد كلامه حتّى يفرغ منه ، وما ردّ أحدا عن حاجة يقدر عليها ، ولا مدّ رجليه بين يدي جليس له قطّ ، ولا اتكئ بين يدي جليس له قط ، ولا رأيته يشتم أحدا من مواليه ومماليكه ، وما رأيته تفل قط ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه بل كان ضحكه التبسّم ، وكان إذا خلا ونصبت مائدته أجلس على مائدته مماليكه ومواليه حتّى البوّاب والسائس ، وكان قليل النوم بالليل ، كثير السهر ، يحيي أكثر لياليه من أوّلها إلى الصبح ، وكان كثير الصوم ، ولا يفوته صيام
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٨٠ / ٤ ، كشف الغمة ٢ : ٣١٦.