( الفصل الخامس )
في ذكر نبذ من أخباره مع المأمون
كان المأمون قد أنفذ إلى جماعة من الطالبيّة فحملهم من المدينة وفيهم الرضا عليهالسلام ، فأخذ بهم على طريق البصرة حتّى جاءوه بهم ، وكان المتولّي لإشخاصهم المعروف بالجلودي ، فقدم بهم على المأمون فأنزلهم دارا وأنزل الرضا عليهالسلام دارا وأكرمه وعظّم أمره ، ثمّ أنفذ إليه أنّي اريد ان أخلع نفسي من الخلافة واقلّدك إيّاها ، فأنكر الرضا عليهالسلام هذا الأمر وقال له : « اعيذك بالله يا أمير المؤمنين من هذا الكلام وأن يسمع به أحد » فرد عليه الرسالة : فإذا أبيت ما عرضته عليك فلا بدّ من ولاية العهد من بعدي ، فأبى عليه الرضا عليهالسلام إباء شديدا.
فاستدعاه إليه وخلا به ومعه ذو الرئاستين الفضل بن سهل وردد عليه هذا الكلام ، فقال عليهالسلام : « اعفني من ذلك يا أمير المؤمنين ».
فقال له المأمون كالمهدّد : إنّ عمر بن الخطّاب جعل الأمر شورى في ستّة أحدهم جدّك أمير المؤمنين وشرط فيمن خالف ذلك أن يضرب عنقه ، ولا بدّ من قبولك ما اريده منك.
فقال الرضا عليهالسلام : « فإنّي اجيبك إلى ما تريده من ولاية العهد ، على أنّي لا آمر ولا أنهي ، ولا افتي ولا أقضي ، ولا اولّي ولا أعزل ، ولا اغيّر شيئا ممّا هو قائم » فأجابه المأمون إلى ذلك كلّه (١).
__________________
(١) ارشاد المفيد ٢ : ٢٥٩ ، روضة الواعظين : ٢٢٤ ، كشف الغمة ٢ : ٢٧٥ ، مقاتل الطالبيين : ٥٦٢.