( الفصل السادس )
في ذكر وفاته عليهالسلام وسببها وبعض ما جاء من الأخبار في ذلك
وكان سبب قتل المأمون إيّاه أنه عليهالسلام كان لا يحابي المأمون في حقّ ، ويجبهه في أكثر أحواله بما يغيظه ويحقده عليه ، ولا يظهر ذلك له ، وكان عليهالسلام يكثر وعظه إذا خلا به ، ويخوّفه بالله تعالى ، وكان المأمون يظهر قبول ذلك ويبطن خلافه.
ودخل عليهالسلام يوما عليه فرآه يتوضّأ للصلاة والغلام يصبّ على يده الماء فقال : « لا تشرك ـ يا أمير المؤمنين ـ بعبادة ربّك أحدا » فصرف المأمون الغلام وتولّى إتمام وضوئه.
وكان عليهالسلام يزري على الفضل والحسن ـ ابني سهل ـ عند المأمون إذا ذكرهما ، ويصف له مساوئهما ، وينهاه عن الإصغاء إلى مقالهما ، فعرفا ذلك منه ، فجعلا يحطبان (١) عليه عند المأمون ، ويخوّفانه من حمل الناس عليه ، حتّى قلبا رأيه فيه وعزم على قتله ، فاتّفق أنّه عليهالسلام أكل هو والمأمون طعاما فاعتلّ الرضا عليهالسلام واظهر المأمون تمارضا (٢).
فذكر محمد بن عليّ بن أبي حمزة ، عن منصور بن بشير ، عن أخيه عبد الله بن بشير قال : أمرني المأمون أن اطوّل أظفاري عن العادة ولا أظهر لأحد ذلك ، ففعلت ، ثمّ استدعاني وأخرج إليّ شيئا شبيها بالتمر الهنديّ ،
__________________
(١) حطب فلان بفلان : سعى به. « لسان العرب ١ : ٣٢٢ ».
(٢) ارشاد المفيد ٢ : ٢٦٩ ، وباختصار في : مقاتل الطالبيين : ٥٦٥.