فلمّا رأى ما ظهر له من النداوة والحيتان وغير ذلك قال المأمون : لم يزل الرضا عليهالسلام يرينا العجائب في حياته حتّى أراناها بعد وفاته أيضا.
فقال له وزير كان معه : أتدري ما أخبرك به الرضا.
قال : لا.
قال : أخبركم إنّ ملككم بني العبّاس ـ مع كثرتكم وطول مدّتكم ـ مثل هذه الحيتان ، حتّى إذا فنيت آجالكم وانقطعت آثاركم وذهبت دولتكم سلّط الله تعالى عليكم رجلا منّا فأفناكم عن آخركم.
قال له : صدقت ، ثمّ قال : يا أبا الصلت ، علّمني الكلام الذي تكلمت به.
قلت : والله لقد نسيت الكلام من ساعتي ، وقد كنت صدقت ، فأمر بحبسي ، فحبست سنة ، فضاق عليّ الحبس وسألت الله أن يفرّج عنّي بحقّ محمد وآله ، فلم أستتمّ الدعاء حتّى دخل محمد بن عليّ الرضا عليهماالسلام فقال لي : « ضاق صدرك يا أبا الصلت؟ »
فقلت : إي والله.
قال : « قم فاخرج » ثم ضرب بيده إلى القيود التي كانت عليّ ففكّها ، وأخذ بيدي وأخرجني من الدار ، والحرسة والغلمة يرونني فلم يستطيعوا أن يكلّموني ، وخرجت من باب الدار ثمّ قال لي : « امض في ودائع الله ، فإنّك لن تصل إليه ولا يصل إليك أبدا ».
قال أبو الصلت : فلم ألتق مع المأمون إلى هذا الوقت (١).
وروي عن إبراهيم بن العبّاس قال : كانت البيعة للرضا عليهالسلام
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٥٢٦ / ١٧ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٤٢ / ١ ، روضة الواعظين : ٢٢٩ ، المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٣٧٤ ، الثاقب في المناقب : ٤٨٩ / ٤١٧.