بذلك حتى نفخ روح الطموح إليها في نفس معاوية الطليق ابن الطليق ، وهو وأبوه اكبر الاعداء الألداء للاسلام ، كان كل سنة يحاسب عماله ويصادر أموالهم ، ويعاملهم بأشد الأحوال إلا معاوية ، تتواتر الاخبار لديه بأن معاوية يسرف في صرف أموال المسلمين ويلبس الحرير والديباج فيتغاضى عنه بل يعتذر له ، ويقول : « ذاك كسرى العرب » (١) مع أن معاوية كان من الضعة والفقر والهوان باقصى مكان ، كان من الصعاليك الساقطين في نظر المجتمع حتى أن أحد أشراف العرب وفد على النبي «ص».
ولما أراد الخروج أمر النبي «ص» معاوية أن يشيعه إلى خارج المدينة وكان الحر شديدا والأرض يغلى رملها ويفور ومعاوية حافي القدمين فقال للوافد الذي خرج في تشييعه :
اردفني خلفك.
ـ أنت لا تصلح أن تكون رديف الأشراف والملوك!.
ـ ألا فاعطني نعليك اتقى بهما حرارة الشمس.
ـ أنت احقر من ان تلبس نعلى.
ـ ما أصنع وقد احترقت رجلاى؟
ـ امشى في ظل ناقتي ولا تصلح لأكثر من هذا!!.
__________________
(١) كان عمر يضفى على معاوية ثوب البطولات ، ويخلع عليه النعوت والألقاب ويبالغ في تسديده ، ولا يسمح بانتقاصه ، فقد جاء في الاستيعاب المطبوع على هامش الاصابة ( ج ٣ ص ٣٧٧ ـ ٣٧٨ ) ان قوما ذموا معاوية عند عمر فقال : دعونا من ذم فتى من قريش ، من يضحك في الغضب ولا ينال ما عنده الاعلى الرضا ، ولا يؤخذ ما فوق راسه الا من تحت قدميه. ولا ندرى لما هذا الاطرء على هذا الطليق الذي نظر إليه الرسول «ص» نظرة ريبة وشك في اسلامه.