فقد ذكرنا أن معاوية المسلم ظاهرا العدو للاسلام حقيقة ، وواقعا كان لوجود المزاحم يخدع الناس بغشاء رقيق من التزمت في ارتكاب الكبائر والموبقات ، وما ينطوى عليه من معاداة الاسلام وتصميم العزيمة على قلع جذوره واطفاء نوره ، يتكتم بكل ذلك خوفا من رغبة الناس إلى الحسن وأبيه من قبل فاراد الحسن أن يخلى له الميدان ، ويسلم له الأمر ويرفع الخصومة ، حتى يظهر ما يبطن ، ويبوح بكفره ، ويعلن ويرفع عن وجهه ذلك الغشاء الصفيق ويعرف الناس حقيقة أمره ، وكامن سره ، وهكذا فعل ، وفور إبرام الصلح صعد المنبر في جمع غفير من المسلمين ، وقال :
« إني ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلوا وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم ، وقد اعطيت الحسن شروطا كلها تحت قدمي. »
أنظر الى القحة والصلف وعدم الحياء وضيق الوعاء وصفاقة الوجه ، أما وأيم الله إنه لو لم يكن لقبول الصلح الا ظهور هذه الكلمات من معاوية لكفى بها دليلا على افتضاح معاوية ، ومعرفة الناس بكفره ، فما ظنك به وقد استمر على هذه الخطة الكافرة ، والخطيئة السافرة ، والتحدى للاسلام وهدم قواعده جهارا.
لو لا صلح الحسن لما استلحق معاوية زيادا بأبى سفيان ، وهو ولده من الزنا ، فضرب قول رسول الله «ص» « الولد للفراش وللعاهر الحجر » ضربها بالحجر وبعرض الجدار بلا خيفة ، ولا حذر.
لو لا الصلح لما قتل حجر بن عدي سيد الأوابين ، وعشرة من أعلام خيار الصحابة والتابعين ، قتلهم بمرج عذراء صبرا ، من دون أى سبب مبرر
لو لا الصلح لما قتل معاوية الصحابي الجليل عمرو بن الحمق ، وحمل رأسه الى الشام ، وهو أول رأس حمل في الاسلام.
لو لا الصلح لما سقى معاوية الحسن السم على يد جعيدة بنت الاشعث