الحسين حسب إرادته ، النبي يخطب والحسين يدرج في المسجد فيعثر فيقطع النبي خطبته ، ويعدو إليه ويحتضنه ويقول : « قاتل الله الشيطان ، الولد فتنة لما عثر ولدى هذا أحسست أن قلبي قد سقط مني » الى كثير من أمثال هذا مما صدر عنه سلام الله عليه في ولديه مما لست بصدد احصائه وجمعه ، ولكن أقول : إن هذا الشغف ، والحب اللامتناهي ليس لكونهما ابني بنته فحسب فان هذه النسبة لا تستوجب كل هذا العطف الخارق لسياج العرف والعادة ، ولكن لا شك ان هناك أسرارا وأسبابا هي أدق وأعمق ، أسرار روحية هي فوق هذه الوشائج الجسمية ، فهل ترى معى أن رسول الله (ص) لعله ارتفع عن أفق الزمان : وأشرف بروحيته المقدسة من نافذة الدهر ، وأطل على صحيفة التكوين من ألّفه إلى يائه ، فنظر الى الماضي والحاضر والآتى نظرة واحدة ، رأى الحوادث الآتية ممثلة بعينها في صحيفة الوجود لا بصورها على شاشة التمثيل ، رأى ما كابد ولداه من الدفاع عن دينه ، والحماية لشريعته والتضحية بأنفسهم وأموالهم وأولادهم ، وأنهم ارخصوا في المفادات كل غال وعزيز ، تجرع الحسن السم من معاوية مرارا حتى قضى بالمرة الأخيرة التي تقيا بها كبده قطعة قطعة ، ثم ضرب الحسين المثل الأعلى في التضحية والمفادات لحفظ شريعة جده ، فاستقبل السيوف والرماح والسهام وجعل صدره ونحره ورأسه ورئته ، وقاية عن المعاول التي اتخذها بنو أمية لهدم الاسلام ، وقلعه من اساسه ، ونصب نفسه وأولاده وانصاره ، الغر الميامين هدفا وشبحا لوقاية الاسلام من أن تنهار دعائمه ، وتنهد قواعده وقوائمه ، بهجمات الأمويين عليه ، حتى سلم الاسلام واشرقت أنواره ، وعلمت أسراره ، وهلك الكافرون وخسر هنالك المبطلون ، وكانت كلمة الله العليا ، وكلمة اعدائه السفلى ، وكل مسلم من أول اسلام الناس إلى اليوم بل وإلى يوم القيامة مدين ورهين بالشكر والمنة لهذين الامامين ، ولو لا