ويناسب المقام عدة من أخبار الطينة كما رواه في البحار عن جابر بن عبد الله قال : قلت لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أول شئ خلق الله ما هو ؟ فقال نور نبيك يا جابر خلقه الله ثم خلق منه كل خير ، ثم أقامه بين يديه في مقام القرب ما شاء الله ، ثم جعله أقساما ، فخلق العرش من قسم ، والكرسي من قسم ، وحملة العرش وسكنة الكرسي من قسم ، وأقام القسم الرابع في مقام الحب ما شاء الله ، ثم جعله أقساما ، فخلق القلم من قسم ، واللوح من قسم ، والجنة من قسم ، وأقام القسم الرابع في مقام الخوف ما شاء الله ، ثم جعله أجزاء فخلق الملائكة من جزء ، والشمس من جزء والقمر من جزء ، وأقام القسم الرابع في مقام الرجاء ما شاء الله ، ثم جعله أجزاء ، فخلق العقل من جزء والعلم والحلم من جزء ، والعصمة والتوفيق من جزء ، وأقام القسم الرابع في مقام الحياء ما شاء الله ، ثم نظر إليه بعين الهيبة فرشح ذلك النور وقطرت منه مائة ألف واربعة وعشرون ألف قطرة ، فخلق الله من كل قطرة روح نبي ورسول ، ثم تنفست أرواح الانبياء فخلق الله من أنفاسها أرواح الاولياء والشهداء والصالحين.
أقول : والاخبار في هذه المعاني كثيرة ، متظافرة وأنت إذا أجلت نظرة التأمل والامعان فيها وجدتها شواهد على ما قدمناه ، وسيجئ شطر من الكلام في بعضها. وإياك أن ترمي أمثال هذه الاحاديث الشريفة المأثورة عن معادن العلم ومنابع الحكمة بأنها من اختلاقات المتصوفة وأوهامهم فللخلقة أسرار ، وهو ذا العلماء من طبقات أقوام الانسان لا يألون جهدا في البحث عن أسرار الطبيعة ، منذ أخذ البشر في الانتشار ، وكلما لاح لهم معلوم واحد بان لهم مجاهيل كثيرة ، وهي عالم الطبيعة أضيق العوالم وأخسها فما ظنك بما ورائها ، وهي عوالم النور والسعة.
* * *
وإذ قلنا للملائكة أسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ـ ٣٤.