ونكيرا حتى يسألاه ، ولا يرى غم الموت ، وظلمة القبر واللحد ، وهول المطلع ، ثم أنصب له ميزانه ، وأنشر ديوانه ، ثم أضع كتابه في يمينه فيقرأه منشورا ، ثم لا أجعل بيني وبينه وترجمانا فهذه صفات المحبين ، يا أحمد اجعل همك هما واحدا واجعل لسانك لسانا واحدا واجعل بدنك حيا لا يغفل ابدا من يغفل عني لم ابال في أي واد هلك.
وفي البحار عن الكافي والمعاني ونوادر الراوندي بأسانيد مختلفة عن الصادق والكاظم عليهالسلام ـ واللفظ المنقول هيهنا للكافي ـ قال : استقبل رسول الله : حارثة بن مالك بن النعمان الانصاري فقال له : كيف أنت يا حارثة بن مالك النعماني ؟ فقال : يا رسول الله مؤمن حقا ، فقال له رسول الله : لكل شئ حقيقة فما حقيقة قولك ؟ فقال يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي ، وأظمات هواجرى ، وكأني انظر إلى عرش ربي وقد وضع للحساب ، وكأني انظر إلى اهل الجنة يتزاورون في الجنة وكأني اسمع عواء اهل النار في النار ، فقال رسول الله (ص) : عبد نور الله قلبه أبصرت فاثبت.
اقول : والروايتان تحومان حوم المرتبة الرابعة من الاسلام والايمان المذكورتين وفي خصوصيات معناهما روايات كثيرة متفرقة سنورد جملة منها في تضاعيف الكتاب إنشاء الله تعالى والآيات تؤيدها على ما سيجئ بيانها ، واعلم ان لكل مرتبة من مراتب الاسلام والايمان معنى من الكفر والشرك يقابله ، ومن المعلوم ايضا ان الاسلام والايمان كلما دق معناهما ولطف مسلكهما ، صعب التخلص مما يقابلهما من معنى الكفر أو الشرك ، ومن المعلوم ايضا ان كل مرتبة من مراتب الاسلام والايمان الدانية ، لا ينافي الكفر أو الشرك من المرتبة العالية ، وظهور آثارهما فيها ، وهذان أصلان.
ويتفرع عليهما : أن للآيات القرآنية بواطن تنطبق على موارد لا تنطبق عليها ظواهرها وليكن هذا عندك على إجماله حتى يأتيك تفصيله.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى : ولدينا مزيد ، قال عليهالسلام النظر إلى رحمة الله.
وفي المجمع عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يقول الله : اعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
اقول : والروايتان قد اتضح معناهما عند بيان معنى الصلاح ، والله الهادي.