وبين ما رواه العياشي في تفسيره عن أحدهما وقد سئل كيف أخذ الله آدم بالنسيان ، فقال : إنه لم ينس وكيف ينسى وهو يذكر ويقول له إبليس : ما نهيكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين الحديث. والوجه فيه واضح.
وفي أمالي الصدوق عن أبي الصلت الهروي ، قال : لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا عليهالسلام أهل المقالات من أهل الاسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر أهل المقالات فلم يقم أحد حتى الزم حجته كأنه ألقم حجرا فقام إليه علي بن محمد بن الجهم فقال له : يا بن رسول الله أتقول بعصمة الانبياء ؟ قال : بلى ، قال : فما تعمل بقول الله عزوجل : ( وعصى آدم ربه فغوى ؟ ) إلى أن قال : فقال مولانا الرضا عليهالسلام : ويحك يا علي إتق الله ولا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش ولا تتأول كتاب الله عزوجل برأيك فإن الله عزوجل يقول : ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) أما قوله عزوجل في آدم : ( وعصى آدم ربه فغوى ) فإن الله عزوجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفة في بلاده لم يخلقه للجنة ، وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الارض ـ لتتم مقادير أمر الله عزوجل فلما أهبط إلى الارض وجعل حجة وخليفة عصم بقوله عزوجل : ( إن الله إصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ) الحديث.
اقول : قوله : وكانت المعصية في الجنة الخ إشارة إلى ما قدمناه أن التكليف الدينى المولوي لم يكن مجعولا في الجنة بعد ، وإنما موطنه الحيوة الارضية المقدرة لآدم عليهالسلام بعد الهبوط إلى الارض ، فالمعصية إنما كانت معصية لامر إرشادي غير مولوي فلا وجه لتعسف التإويل في الحديث على ما ارتكبه بعض.
وفي العيون عن على بن محمد بن الجهم ، قال : حضرت مجلس المأمون وعنده علي بن موسى فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك إن الانبياء معصومون ؟ فقال بلى ، قال فما معنى قول الله تعالى : فعصى آدم ربه فغوى ؟ قال : إن الله تعالى قال لآدم : ( اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه