والاسباب يوم القيامة هذا.
ثم إن القرآن مع ذلك لا ينفي الشفاعة من أصلها ، بل يثبتها بعض الاثبات. قال تعالى : ( الله الذي خلق السموات والارض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون ) السجدة ـ ٣ ، وقال تعالى : ( ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع ) الانعام ـ ٥١ ، وقال تعالى : ( قل لله الشفاعة جميعا ) الزمر ـ ٤٤ ، وقال تعالى : ( له ما في السموات وما في الارض من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه ، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) البقرة ـ ٢٥٥ ، وقال تعالى : ( إن ربكم الله الذي خلق السموات والارض في ستة ايام ثم إستوى على العرش يدبر الام ر ما من شفيع الا من بعد اذنه ) يونس ـ ٣ ، وقال تعالى : ( وقالوا إتخذ الله ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن إرتضى وهم من خشيته مشفقون ) الانبياء ـ ٢٨ ، وقال : ( ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة الا من شهد بالحق وهم يعلمون ) الزخرف ـ ٨٦ ، وقال : ( ولا يملكون الشفاعة الا من إتخذ عند الرحمن عهدا ) مريم ـ ٨٧ ، وقال تعالى : ( يومئذ لا تنفع الشفاعة الا من أذن له الرحمن ورضي له قولا ، يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما ) طه ـ ١١٠ ، وقال تعالى : ( ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ) السبأ ـ ٢٣ ، وقال تعالى : ( وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ) النجم ـ ٢٦ ، فهذه الآيات كما ترى بين ما يحكم باختصاص الشفاعة بالله عز اسمه كالآيات الثلاثة الاولى وبين ما يعممها لغيره تعالى باذنه وارتضائه ونحو ذلك ، وكيف كان فهي تثبت الشفاعة بلا ريب ، غير ان بعضها تثبتها بنحو الاصالة لله وحده من غير شريك ، وبعضها تثبتها لغيره باذنه وارتضائه ، وقد عرفت أن هناك آيات تنفيها فتكون النسبة بين هذه الآيات كالنسبة بين الآيات النافية لعلم الغيب عن غيره ، واثباته له تعالى بالاختصاص ولغيره بارتضائه ، قال تعالى : ( قل لا يعلم من في السموات والارض الغيب ) النحل ـ ٦٥ ، وقال تعالى : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) الانعام ـ ٥٩ وقال تعالى : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا الا من إرتضى من رسول ) الجن ـ ٢٧ ، وكذلك الآيات الناطقة في التوفي والخلق والرزق والتأثير والحكم والملك وغير ذلك فانها