لدلالة قوله تعالى : ( ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) الزخرف ـ ٨٦ ، على تملكهم للشفاعة لشهادتهم بالحق ، فكل شهيد فهو شفيع يملك الشهادة غير ان هذه الشهادة كما مر في سورة الفاتحة وسيأتي في قوله تعالى ( وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ) البقرة ـ ١٤٣ ، شهادة الاعمال دون الشهادة بمعنى القتل في معركة القتال ، ومن هنا يظهر أن المؤمنين أيضا من الشفعاء فإن الله عزوجل أخبر بلحوقهم بالشهداء يوم القيامة قال تعالى : ( والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم ) الحديد ـ ١٩ ، كما سيجئ بيانه.
٥ ـ بما ذا تتعلق الشفاعة ؟
قد عرفت أن الشفاعة منها تكوينية تتعلق بكل سبب تكويني في عالم الاسباب ومنها شفاعة تشريعية متعلقة بالثواب والعقاب فمنها ما يتعلق بعقاب كل ذنب ، الشرك فما دونه كشفاعة التوبة والايمان قبل يوم القيامة ومنها ما يتعلق بتبعات بعض الذنوب كبعض الاعمال الصالحة ، وأما الشفاعة المتنازع فيها وهى شفاعة الانبياء وغيرهم يوم القيامة لرفع العقاب ممن إستحقه بالحساب ، فقد عرفت في الامر الثالث ان متعلقها أهل المعاصي الكبيرة ممن يدين دين الحق وقد ارتضى الله دينه.
٦ ـ متى تنفع الشفاعة ؟
ونعني بها أيضا الشفاعة الرافعة للعقاب ، والذي يدل عليه قوله سبحانه : ( كل نفس بما كسبت رهينة الا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر ) المدثر ـ ٤٢ ، فالآيات كما مر دالة على توصيف من تناله الشفاعة ومن يحرم منها غير أنها تدل على أن الشفاعة إما تنفع في الفك عن هذه الرهانة والاقامة والخلود في سجن النار ، وأما ما يتقدم عليه من أهوال يوم القيامة وعظائمها فلا دليل على وقوع شفاعة فيها لو لم تدل الآية على انحصار الشفاعة في الخلاص من رهانة النار.
واعلم أنه يمكن أن يستفاد من هذه الآيات وقوع هذا التساؤل بعد استقرار