والعناية بابطال ما هو الباطل وإحقاق ما هو الحق فيها ، فالصفح عن ذلك اولى.
وأما لفظ الجلالة فالله أصله الاله ، حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال ، وإله من أله الرجل يأله بمعني عبد ، أو من اله الرجل أو وله الرجل أي تحير ، فهو فعال بكسر الفاء بمعنى المفعول ككتاب بمعنى المكتوب سمي إلها لانه معبود أو لانه مما تحيرت في ذاته العقول ، والظاهر انه علم بالغلبة ، وقد كان مستعملا دائرا في الالسن قبل نزول القرآن يعرفه العرب الجاهلي كما يشعر به قوله تعالى : ( ولئن سئلتهم من خلقهم ليقولن الله ) الزخرف ـ ٨٧ ، وقوله تعالى : ( فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا ) الانعام ـ ١٣٦.
ومما يدل على كونه علما انه يوصف بجميع الاسماء الحسنى وسائر أفعاله المأخوذة من تلك الاسماء من غير عكس ، فيقال : ألله لرحمن الرحيم ويقال : رحم الله وعلم الله ، ورزق الله ، ولا يقع لفظ الجلالة صفة لشئ منها ولا يؤخذ منه ما يوصف به شئ منها.
ولما كان وجوده سبحانه ، وهو آله كل شئ يهدي إلى إتصافه بجميع الصفات الكمالية كانت الجميع مدلولا عليها به بالالتزام ، وصح ما قيل إن لفظ الجلالة اسم للذات الواجب الوجود المستجمع لجميع صفات الكمال وإلا فهو علم بالغلبة لم تعمل فيه عناية غير ما يدل عليه مادة إله.
واما الوصفان : الرحمن الرحيم ، فهما من الرحمة ، وهي وصف انفعالي وتأثر خاص يلم بالقلب عند مشاهدة من يفقد أو يحتاج إلى ما يتم به أمره فيبعث الانسان إلى تتميم نقصه ورفع حاجته ، إلا ان هذا المعنى يرجع بحسب التحليل إلى الاعطاء والافاضة لرفع الحاجة وبهذا المعنى يتصف سبحانه بالرحمة.
والرحمن ، فعلان صيغة مبالغة تدل على الكثرة ، والرحيم فعيل صفة مشبهة تدل على الثبات والبقاء ولذلك ناسب الرحمن ان يدل علي الرحمة الكثيرة المفاضة على المؤمن والكافر وهو الرحمة العامة ، وعلى هذا المعنى يستعمل كثيرا في القرآن ، قال تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) طه ـ ٥. وقال ( قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ) مريم ـ ٧٥. إلى غير ذلك ، ولذلك أيضا ناسب الرحيم ان يدل على النعمة الدائمة والرحمة الثابتة الباقية التي تقاض على المؤمن كما قال تعالى : ( وكان