بالمؤمنين رحيم ) الاحزاب ـ ٤٣. وقال تعالى : ( إنه بهم رؤف رحيم ) التوبة ـ ١١٧. إلى غير ذلك ، ولذلك قيل : ان الرحمن عام للمؤمن والكافر والرحيم خاص بالمؤمن.
وقوله تعالى : الحمد لله ، الحمد على ما قيل : هو الثناء على الجميل الاختياري والمدح اعم منه ، يقال : حمدت فلانا أو مدحته لكرمه ، ويقال : مدحت اللؤلؤ علي صفائه ولا يقال : حمدته على صفائه ، واللام فيه للجنس أو الاستغراق والمال هيهنا واحد.
وذلك ان الله سبحانه يقول : ( ذلكم الله ربكم خالق كل شئ ) غافر ـ ٦٢. فأفاد أن كل ما هو شئ فهو مخلوق لله سبحانه ، وقال : ( الذي أحسن كل شئ خلقه ) السجدة ـ ٧ فأثبت الحسن لكل شئ مخلوق من جهة أنه مخلوق له منسوب إليه ، فالحسن يدور مدار الخلق وبالعكس ، فلا خلق إلا وهو حسن جميل باحسانه ولا حسن إلا وهو مخلوق له منسوب إليه ، وقد قال تعالى : ( هو الله الواحد القهار ) الزمر ـ ٤. وقال : ( وعنت الوجوه للحي القيوم ) طه ـ ١١١. فانباء انه لم يخلق ما خلق بقهر قاهر ولا يفعل ما فعل باجبار من مجبر بل خلقه عن علم واختيار فما من شئ إلا وهو فعل جميل اختياري له فهذا من جهة الفعل ، وأما من جهة الاسم فقد قال تعالى : ( الله لا إله إلا هو له الاسماء الحسنى ) طه ـ ٨. وقال تعالى : ( ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) الاعراف ـ ١٨٠. فهو تعالى جميل في اسمائه وجميل في أفعاله ، وكل جميل منه.
فقد بان انه تعالى محمود على جميل اسمائه ومحمود على جميل أفعاله ، وأنه ما من حمد يحمده حامد لامر محمود إلا كان لله سبحانه حقيقه لان الجميل الذي يتعلق به الحمد منه سبحانه ، فلله سبحانه جنس الحمد وله سبحانه كل حمد.
ثم ان الظاهر من السياق وبقرينة الالتفات الذي في قوله : ( إياك نعبد ) لآية إن السورة من كلام العبد ، وانه سبحانه في هذه السورة يلقن عبده حمد نفسه وما ينبغي ان يتأدب به العبد عند نصب نفسه في مقام العبودية ، وهو الذي يؤيده قوله : ( الحمد لله ).