إليه : أن صلاح العمل معنى تهيؤه ولياقته لان يلبس لباس الكرامة ويكون عونا وممدا لصعود الكلام الطيب إليه تعالى ، قال تعالى : ( ولكن يناله التقوى منكم ) الحج ـ ٣٧ ، وقال تعالى : ( وكلا نمد هؤلاء ، وهؤلاء من عطاء ربك ، وما كان عطاء ربك محظورا ) الاسراء ـ ٢٠ ، فعطائه تعالى بمنزلة الصورة ، وصلاح العمل بمنزله المادة.
وأما صلاح النفس والذات فقد قال تعالى : ( ومن يطع الله والرسول فاؤلئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين ، والصديقين ، والشهداء والصالحين ، وحسن اؤلئك رفيقا ) النساء ـ ٦٩ ، وقال تعالى : ( وأدخلناهم في رحمتنا انهم من الصالحين ) الانبياء ـ ٨٦ ، وقال تعالى حكاية عن سليمان : ( وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ) النمل ـ ١٩ ، وقال تعالى : ( ولوطا آتيناه حكما وعلما إلى قوله وأدخلناه في رحمتنا إنه الصالحين ) الانبياء ـ ٧٥ ، وليس المراد الصلاح لمطلق الرحمة العامة الالهية الواسعة لكل شئ ولا الخاصة بالمؤمنين على ما يفيده قوله تعالى : ( ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ) الاعراف ـ ١٥٦ ، إذ هؤلاء القوم وهم الصالحون ، طائفة خاصة من المؤمنين المتقين ، ومن الرحمة ما يختص ببعض دون بعض ، قال تعالى ( يختص برحمته من يشاء ) البقرة ـ ١٠٥ ، وليس المراد أيضا مطلق كرامة الولاية ، وهو تولي الحق سبحانه أمر عبده ، فإن الصالحين وإن شرفوا بذلك وكانوا من الاولياء المكرمين على ما بيناه سابقا في قوله تعالى : ( إهدنا الصراط المستقيم ) فاتحة الكتاب ـ ٦ وسيجئ في تفسير الآية لكن هذه أعني الولاية صفة مشتركة بينهم وبين النبيين ، والصديقين ، والشهداء فلا يستقيم إذن عدهم طائفة خاصة في قبالهم.
نعم الاثر الخاص بالصلاح هو الادخال في الرحمة ، وهو الامن العام من العذاب كما ورد المعنيان معا في الجنة ، قال تعالى : ( فيدخلهم ربهم في رحمته ) الجاثية ـ ٣٠ ، أي في الجنة ، وقال تعالى : ( يدعون فيها بكل فاكهة آمنين ) الدخان ـ ٥٥ ، أي في الجنة.
وأنت إذا تدبرت قوله تعالى : ( وادخلناه في رحمتنا ) الانبياء ـ ٧٥ ، وقوله : ( وكلا جعلنا صالحين ) الانبياء ـ ٧٢ ـ حيث نسب الفعل إلى نفسه تعالى لا إلى