لم يبق إلا أسير غير منفلت |
|
وموثق في عقال الاسر مكبول (١) |
فخفض موثقا بالمجاورة للمنفلت وكان من حقه أن يكون مرفوعا لان تقدير الكلام لم يبق الا أسير وموثق.
قلنا : أول ما يبطل هذا الكلام انه ليس جميع القراء على جر (حور عين) بل أكثر قراء السبعة على الرفع وهم نافع وابن كثير وعاصم في رواية وأبو عمرو وابن عامر ، والذي جر حمزة والكسائي وفي رواية المفضل عن عاصم وقد حكي انه كان ينصب (وحورا عينا) وللجر وجه غير المجاورة وهو انه لما تقدم قوله تعالى : (أولئك المقربون في جنات النعيم (٢) عطف بحور عين على جنات النعيم فكأنه قال هم في جنات النعيم وفي مقارنة أو معاشة حور العين وحذف المظاف وهذا وجه حسن ذكره أبو علي الفارسي في كتاب الحجة في القراءة ، فأما البيت الذي انشده السائل فعلى خلاف ما توهمه لان معنى قوله لم يبق الا أسير أي لم يبق غير أسير وغير تعاقب إلا في الاستسناء ، ثم قال وموثق بالجر عطفا على المعنى وعلى موضع أسير ، فكأنه قال لم يبق غير اسير وغير منفلت ولم يبق غير موثق ، فأما قول الشاعر :
فهل انت ان ماتت أتانك راحل |
|
إلى آل بسطام بن قيس فخاطب (٣) |
يمكن أن يكون الوجه في خاطب الرفع وإنما جر الراوي وهما ويكون عطفا على راحل ويمكن أن يكون المراد بخاطب الامر وإنما جر لاطلاق الشعر.
فان قيل : ما انكرتم على تسليم ايجاب الآية لمسح الرجلين أن يكون المسح بمعنى الغسل لان المسح عند العرب هو الغسل الخفيف حكي ذلك عن أبي زيد الانصاري واستشهد بقولهم : « تمسحت للصلاة « فسموا الغسل مسحا وعلى ذلك حمل المفسرون قوله تعالى :
__________________
(١) لم معثر على اسم قائله وهو من الشواهد.
(٢) الواقعة ١٢.
(٣) البيت نسب لجرير ولم تثبت صحة ذلك.