المحور الثاني : قال تعالىٰ : ( يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ) (١).
فهذه الآية تُظهر لنا انَّ الظالم في جهة ، وفي الجهة الاُخرىٰ يكون الرسول ، فعليه لا يمكن ان يكونا في مصداقٍ واحد جزماً. ومنه نستشف انَّ الرسول يجب الا يكون ظالماً أصلاً ، ولو نوقش في هذا ، فالمحور الثالث ينجلي فيه الامر أكثر وأنصع.
المحور الثالث : قال إبراهيم عليهالسلام : ( وَمِن ذُرِّيَّتِي ... ) طلب هذا الأمر الجليل لبعض ذريته ، ولابدّ وان يكون مقصوده الذي يكون منهم مؤمناً ، فحاشاه ان يطلب هذا الأمر الجليل لغير المؤمن كما هو واضح ، ولأنّه خاطب أباه آزر من قبل فقال له : ( .. أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) (٢) ، فكيف يطلب هذا الامر لضال ؟!
وقد قال كذلك عند البيت الحرام : ( رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ... ) (٣) فهو يدعو بالرزق للذين آمنوا خاصة ، فكيف يطلب الإمامة لغيرهم ؟!! هذا أولاً.
وثانيا : لابدّ وان يكون ذلك مؤمناً في حال كونه غير فاسق ، لأنّه يعلم انّ المتلبِّس بالفسق لا يمكن ان يكون إماماً للمؤمنين ، إذ إنّه هو عليهالسلام لم يحز هذا المنصب إلاّ بعد التسليم المطلق لله تعالىٰ ، وبعد الرسالة ، والخلّة.
__________________
(١) سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٧.
(٢) سورة الأنعام : ٦ / ٧٤.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٢٦.