وهذه المعاني لابدّ وان تكون موجودة في ذهنه المنار بالايمان لدرجة التسليم.
فإذا كان كذلك ، فما معنىٰ قول الباري عزَّ وجلَّ بعد ذلك : ( لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) إذا استثنينا الكافر والفاسق الفعلي الذي يظهر منه انّه قد أخبر بذلك ، لرفع ما ليس متبادراً ومتداعياً في ذهن الخليل عليه وعلىٰ نبينا وآله السلام ، فبيّن له الباري عزّ وجلّ من انّ العهد لا ينال من ليس مؤمناً فحسب بل حتّىٰ المؤمنين الخواص ، وانّ ذلك المقام لابدّ وان يكون للذي لم يرتكب ، ولن يرتكب ظلماً أبداً ، سواء كان متلبساً بالظلم ، أم لا ، مستغفراً وتائباً من ذنبه لله تعالىٰ أم لا ، صغيراً كان أو كبيراً ، كما يُشعر بذلك ، قوله سبحانه : ( لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ويريد ان يبين نكتة اُخرىٰ ، بإنَّ الظلم لا يفارق طبيعة الذرية ، والذرية مجموع ، فعليه أتىٰ بالجمع وقال تعالىٰ : ( لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ولم يقل لاينال عهدي الظالم ، هذا أولاً.
وثانياً : ليبين انّ هناك بعده باشارة لطيفة أئمة وليس إماماً واحداً ، وفي ذريته بالخصوص وإن كان هذا المعنىٰ أبعد غوراً من ذاك.
١٠ ـ قال تعالىٰ : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ... ) (١).
نستفيد من هذه الآية المباركة استفادات عديدة ، منها :
الاستفادة الأولىٰ : اطاعة الله سبحانه جاءت في الآية المباركة خالية
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٥٩.