فقوله تعالىٰ ( فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ ) كافٍ ، أو إلىٰ الرسول كذلك علىٰ هذا ، إلاّ انّه لم يكتف بذلك بل قال فردّوه إلىٰ الله والرسول ، ليبين لنا ان الردَّ إلىٰ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بمنزلة الردّ إلىٰ الله ، وما بينه الرسول بمنزلة ما بيّنه الله سواءً أظهر هذا الرسول وقال هذا حكم الله ، أم لم يظهر ذلك ، حتىٰ وان قال هذا حكمي كما هو بيّن في أي أمرٍ صدر منه ، وما هذا الامرُ إلاّ العصمة.
ولعلّه لما ذكرنا لم يتكرر حرف الجر ، بل عطف الرسول علىٰ الله بدونه ، ليدلنا علىٰ عدم الاثنينية في ذلك ، بعد ان كرر لفظ الاطاعة ليؤكدها وليركزها في أذهان الذين آمنوا.
الاستفادة الرابعة : عطف أولي الأمر علىٰ الرسول واطاعتهما علىٰ اطاعة الله يقتضي عصمتهم لما قدّمناه في عصمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
بل نقول أكثر ببركة ورود أمر واحد بالاطاعة للرسول ولاولي الأمر فاطاعتهما واحدة ، ولذا لم يذكر أولي الأمر مرة اخرىٰ في نهاية الآية لاندكاكهم في الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وللبيان والتوضيح اتىٰ بهم أولاً ، وللاختصار ولبيان وحدتهم بعد أن جعل لهما اطاعة واحدة لم يذكر الا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أخيراً وهو واضحٌ بحمد الله وبركته.
ولو جوّزنا الاّ تكون اطاعة أولي الأمر مطلقة كما كانت اطاعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم للزِمَ ان يكون استعمال اللفظ امّا من باب استعمال المشترك في أكثر من معنىٰ ، وهذا ما لا يجوّزه أكثر أصحاب التحقيق ان لم يكن كلّهم.