و (مِنْ) في (منكم) للتبعيض (١) ، لذا استدلّ أغلب الفقهاء على أن الوجوب كفائي (٢) فإذا قام به البعض سقط عن الآخرين.
الآية الثانية : « كُنتُم خَيرَ أُمّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمرُونَ بِالمعرُوفِ وَتَنهونَ عَنِ المُنكَرِ وتُؤمِنونَ بِاللّه » (٣).
قرنت الآية القرآنية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالايمان باللّه تعالى ، وقدّمتهما عليه (لانهما سياج الإيمان وحفاظه) (٤).
ومعنى الآية : (صرتم خير أُمّة خُلقت ؛ لأمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر وإيمانكم باللّه ، فتصير هذه الخصال على هذا القول شرطا في كونهم خيرا) (٥).
وهذه الخيرية ( لا يستحقّها من أقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، وصام رمضان ، وحجّ البيت الحرام ، والتزم الحلال ، واجتنب الحرام مع الاخلاص الذي هو روح الإسلام ، إلاّ بعد القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... ) (٦).
واستدل الفقهاء بهذا الثناء الذي انحصر بهذه المزايا الثلاث على الوجوب (فمدحهم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر كما مدحهم
__________________
١) الكشاف ١ : ٤٥٢.
٢) التبيان ٢ : ٥٤٩. وفتح القدير ١ : ٣٦٩. والكشاف ١ : ٤٥٢.
٣) سورة آل عمران : ٣ / ١١٠.
٤) تفسير المراغي ٤ : ٣٠.
٥) مجمع البيان في تفسير القرآن ١ : ٤٨٦.
٦) تفسير المنار ٤ : ٥٨.