فالتوبيخ شامل لمرتكب المنكر والساكت عن النهي عنه ، فقد وبَّخ اللّه تعالى (الربانيين والاحبار في سكوتهم عنهم ، وعدم نهيهم عن ارتكاب هذه الموبقات من الآثام والمعاصي ، وهم عالمون بأنّها معاصٍ وذنوب) (١).
فقد بين اللّه تعالى ان الربانيين والأحبار أثموا بترك النهي عن المنكر والدلالة واضحة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلو لم يكونا واجبين لما ترتب الأثم على تركهما ، ولما وبّخهم اللّه تعالى على سكوتهم ؛ لأنّ التوبيخ يستتبع العمل السيئ ، وترك النهي عن المنكر هو أحد مصاديقه.
الآية السادسة : « لُعِنَ الَّذينَ كَفَرُوا مِن بَني إسرائيلَ عَلى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابنِ مَريَمَ ذَلِكَ بِما عَصَوا وَّكَانُوا يَعتدُونَ * كَانُوا لا يَتَناهَونَ عَن مُّنكَرٍ فَعلَوهُ لَبِئسَ مَا كَانُوا يَفعَلُونَ » (٢).
لعن اللّه تعالى بني اسرائيل بعصيانهم واعتدائهم ، ثمّ بيّن حالهم ، فقال : « كَانُوا لا يَتَناهَونَ عَن مُّنكَرٍ فَعلُوهُ » أي لم يكن ينهى بعضهم بعضا ، ولا ينتهون أي لا يكفّون عمّا نهوا عنه (٣).
وقد علّل اللّه تعالى استحقاقهم اللعنة (بتركهم النهي عن المنكر) (٤).
فلولم يكن النهي عن المنكر واجبا لما استحقوا اللعنة بتركهم إيّاه؛ لأنّ
__________________
١) الميزان في تفسير القرآن ٦ : ٣١.
٢) سورة المائدة : ٥ / ٧٨ ـ ٧٩.
٣) مجمع البيان في تفسير القرآن ٢ : ٢٣١.
٤) المحجة البيضاء ٤ : ٩٧.