ويدفع التعصب أفراد المجتمع إلى اتخاذ المواقف تبعا للمتعصّبين له، ويختلط الحق بالباطل ، وتلتبس المفاهيم والقيم على الناس ، فيندفعون دون روية ودون بحث عن الحقيقة أو رغبة في المعرفة ، ويتخلل اندفاعهم جدال لا ينتهي إلى شيء ، تصحبه المواقف المتشنجة من اتهامات وتعيير وتحقير ، فتعمى بصائر المتعصّبين وتنغلق منافذ الهدى في عقولهم ونفوسهم ومواقفهم ، ففي مثل هذه الحالة لا تنفع معهم المواعظ والارشادات والنصائح ، ولا يدركون الخطر المحدق بهم ، بل يحسبون انهم يحسنون صنعا ، فاذا أغلقوا قلوبهم وانفصلوا عن مصدر الاشعاع الفكري والسلوكي ، فلا يجب على المكلفين حينئذٍ القيام بدورهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهم يرون المجتمع يعيش في غبش الاوهام وضباب الاهواء ، واضطراب الولاء القائم على اساس التعصب للاشخاص.
قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ستكون فتن لا يستطيع المؤمن أن يغيّر فيها بيد ولا لسان » ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « وفيهم يومئذٍ مؤمنون » ، قال : « نعم ».
قال عليهالسلام : « فينقص ذلك من ايمانهم شيئا؟ ».
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا ، الاّ كما ينقص القطر من الصفا ، أنهم يكرهونه بقلوبهم » (١).
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم ، وخفت أماناتهم ، وكانوا هكذا ـ وشبك بين أنامله ـ فالزم
__________________
١) مستدرك الوسائل ١٢ : ١٩.