وبناءً على عدم امكان بقاء الجنس كالجواز أو ذات الارادة بعد زوال النوع ـ وهذا يعني انّ الجواز مع الوجوب غير الجواز مع الاستحباب أو الاباحة أو الكراهة ـ تدخل الدلالة على الجواز التضمنية في المعارضة أيضاً ، أي تكون منفية بالدليل الناسخ. نعم ، تبقى الدلالة التصورية التضمنية لا التصديقية وهي لا تكون حجة.
إلاّ انّ هذا الجواب لا يتم إذا فرضنا تكثّر الدلالات التضمنية اثباتاً ؛ لأنّ معناه انّ كل دلالة تضمنية تصورية تكون بأزائها دلالة تصديقية مستقلة عن الاخرى ، على ما سيأتي في وجه حجّية الدلالة التضمنية بعد سقوط المطابقية.
فالحاصل النكتة وجود دلالات تضمنية تصديقية مستقلة ، وهذه لو كانت ـ ولو كان لازمها ثبوت فرد آخر من الجنس غير ما كان ثابتاً مع النوع المنسوخ ـ كانت حجة ، فلا ربط بين المسألتين فإنّ هذه اثباتية اصولية وتلك فلسفية ثبوتية.
ثمّ انّ هنا مطلباً آخر يمكن أن يقال ، وحاصله : انّ التقريبات المذكورة إنّما تتم لو قبل مبناها بناءً على انّ النسخ تخصيص في الأزمان كما هو المشهور ، وامّا إذا تعقلنا النسخ الحقيقي على مستوى الجعل والانشاء بأن يكون الجعل الأوّل مطلقاً غير مقيد زماناً إلاّ انّ الشارع يلغيها بقاءً ، فعندئذٍ لا يكون الدليل الناسخ معارضاً أصلاً لدلالات الدليل المنسوخ وإنّما يلغي مدلوله مع الاعتراف باطلاق الجعل المفاد به واقعاً ، وعندئذٍ لا يكون للدليل المنسوخ نظر إلى الحكم المجعول بعد فرض نسخ الحكم المنسوخ ؛ لأنّه خارج عن مفاده ، فما هو المجعول من الحكم على تقدير نسخ ذلك الحكم خارج عن مداليل الدليل المنسوخ حتى التزاماً فضلاً عن المدلول المطابقي له أو الالتزامي ، ومعه فلا موضوع للتقريبات المتقدمة.