ونفس الوجوه والاحتمالات تجري في أصالة عدم الاشتراك ؛ لأنّها ترجع إلى أصالة الثبات في اللغة أيضاً ، فلو علم بتحقق الاشتراك وشك في تاريخه جرى فيه البحث المتقدّم.
وربّما يضاف هنا فرض آخر لا تجري فيه أصالة عدم الاشتراك ، وهو ما إذا شك في الاشتراك من أوّل الأمر ـ كما في تشكل اللغة من اجتماع قبائل متعددة واندماجها في لغة واحدة ـ فإنّه هنا لا موضوع لأصالة الثبات ؛ إذ الشك في الاشتراك من أوّل الأمر. نعم ، لو أرجعنا أصالة عدم الاشتراك إلى أصالة التطابق ـ كما هو مبنى السيد الشهيد هنا ـ جرى أصل عدم الاشتراك ؛ لنفي المعنى المحتمل اشتراك اللفظ بينه وبين المعنى الآخر المتيقن ، وهذا أيضاً من الفروق العمليّة بين المبنيين.
٢ ـ وأمّا النوع الثاني : أعني الاصول اللفظية الجارية لتعيين المدلول الاستعمالي فأهمّها أصالة الحقيقة ، والتي تعني إرادة المتكلم للمعنى الحقيقي كلّما استعمل اللفظ بلا قرينة.
ومبنى هذا الأصل اللفظي الكاشف عن المدلول الاستعمالي ـ وهو مدلول تصديقي ـ يمكن أن يكون الظهور الحالي والطبعي للمتكلم الملتفت في مقام المحاورة ، ويمكن أن يكون مبناه نحو تعهّدٍ وتبانٍ عرفي عام ، فإنّ التعهّد يمكن أن يكون مبنىً للدلالات التصديقية ـ كما تقدّم في بحث الوضع ـ.
وهذا الأصل اللفظي لا يجري في موارد احتمال قرينية شيء محفوف بالكلام ، وأمّا موارد احتمال وجود قرينة لم يلتفت إليها أو حذفت من الكلام فالمشهور جريان أصالة الحقيقة فيها أيضاً.