كلامين منفصلين فالظهور متحقّق فيهما معاً ، ويكون التعارض بين دليلين وفيه اصول لفظية للجمع العرفي تأتي في بحوث التعارض غير المستقر ، إلاّأنّها لا توجب تغييراً في المدلول الاستعمالي لشيء من الدليلين وإنّما يوجب الكشف عن المراد الجدّي وهو النوع الثالث من الدلالة.
٣ ـ وأمّا النوع الثالث : أي الاصول اللفظية الجارية لتعيين المدلول الجدّي فهي أصالة الجدّ النافية لاحتمال الهزل والتقية ونحوها ، وأصالة العموم والإطلاق بناءً على ما هو الصحيح من عدم لزوم التجوّز من التقييد والتخصيص المتصل ، وإنّما يكون ارادة الخصوص والمقيّد من العام والمطلق عند الدوران بينه وبين عدمه مخالفة لظهور ايجابي أو سلبي سكوتي دال على نفي التخصيص والتقييد ، فمبنى الاصول اللفظية في هذه المرحلة أيضاً إلى الظهور الحالي في الارادة الجدية لما هو الظاهر النهائي للكلام ، وأنّ ما قاله يريده وما لم يقله وسكت عنه لا يريده ـ الظهور الايجابي والسلبي معاً ـ وعند الدوران بين ظهورين في هذه المرحلة أو الدوران بين التجوّز ومخالفة الظهور الاستعمالي وبين مخالفة الظهور الجدّي إذا كان في كلام واحد متصل يقع التزاحم بين مقتضي الظهورين ، فإذا كان أحدهما أقوى من الآخر أو قرينة عليه قدّم في مقام التأثير والاقتضاء وانعقد الظهور النهائي على طبقه ، كما في تقديم الظهور الايجابي على الظهور السلبي السكوتي ـ وإلاّ أصبح الكلام مجملاً. وإذا كان ذلك في كلامين منفصلين فالظهورات متحققة ، ويكون من التعارض ، وقد أشرنا إلى أنّ فيه اصولاً لفظيّة لحلّ التعارض واعمال الجمع العرفي إذا تمّ شيء منها ارتفع التعارض من البين ، وإلاّ كان التعارض مستقراً ، وسيأتي تفصيل ذلك كلّه في بحوث تعارض الأدلّة.