لها بالظرفية لا صلاحية لها لكي تحكي عن الظرفية الخارجية التي هي مدلول الحروف على كل حال ، فمن هنا اختار السيد الشهيد فيما يأتي أنّ النسب الحرفية التي لها ما بأزاء في الخارج تحليلية في الذهن لا واقعية ، وإلاّ فليس في الذهن إلاّصورة وحدانية للحصة الخاصة ، ومن هنا يلتقي هذا المسلك مع مسلك السيد الخوئي القائل بوضع الحروف للتحصيص. والواقع انّ هذا المنهج لا يمكن المساعدة عليه ، إذ كل من البرهان والنتيجة المنتهى اليها غير قابل للقبول.
أمّا البرهان : فيمكن الإجابة عليه بأنّ النسب وإن كانت متقومة بطرفيها في وجودها الواقعي وبالحمل الشائع سواء كان في الخارج ـ كما في النسب الخارجية بين الأشياء ـ أو في الذهن كما في النسب الواقعية في الذهن بين وجودين ذهنيين ، إلاّ انّ هذا لا يعني عدم امكان لحاظ النسبة الخارجية بلحاظ تصوري يكون جامعاً ذاتياً ماهوياً لها أعم من شخص النسبة الخارجية وشخص طرفيها. بل يمكن ذلك فيها أيضاً كما في المعاني الاسمية.
والوجه في ذلك انّ النسبة ـ واقع النسبة ـ كالظرفية بين الماء والكوز وجودها الخارجي العيني متقوم بشخص وجود الطرفين إلاّ انّ ذلك ليس مقوماً للحاظ النسبة الظرفية الواقعية بل المقوم للحاظها الماهوي اللحاظ الماهوي لطرفيها الذي هو كلي أيضاً ، فلا يعقل لحاظها بلا طرفين ولكن لا يشترط في لحاظها وجود الطرفين بل يكفي لحاظ مفهوم الطرفين ولو الكلي والجامع كلحاظ جامع الماء وجامع الكوز والظرفية بينهما في قولنا : الماء في الكوز ، ولهذا تكون هذه الجملة الناقصة جامعاً قابلاً للصدق على كل ماءٍ في الكوز ، ومن هنا قيل أيضاً بأنّ المعاني الحرفية كلية وليست جزئية حقيقية وإنّما جزئيتها بمعنى نسبيتها واحتياجها إلى الأطراف.