ومباديه الحقيقية في نفس المولى المبرزة بأدلّة الأحكام الظاهرية على اختلاف ألسنتها وتلك الروح هي ترجيح المولى واهتمامه بأغراضه اللزومية في موارد الشك والاشتباه والتزاحم الحفظي ، فإنّ المكلّف إذا علم بذلك ارتفع موضوع اللابيان في القاعدة ؛ لأنّ موضوعها عدم العلم بالواقع وعدم العلم باهتمام الشارع به وأمره بحفظه في مورد الشك ، وهذا الأمر هو المدلول التصديقي المستكشف في تمام موارد الأحكام الظاهرية مهما كانت الصياغة لمجعولاتها الاعتبارية بل حتى لو لم يكن مجعول وإنّما كان لسان دليل الحكم الظاهري مدلولاً إخبارياً صرفاً عن اهتمام المولى وترجيحه لملاكاته اللزومية أيضاً ارتفع موضوع القاعدة.
ومنه يعرف عدم لزوم انشاء أمر في مورد الحكم الظاهري كما توهمه المحقق العراقي قدسسره ، وكأنّه لأنّه يرى الحكم الظاهري حقيقته الانشاء الطولي الصرف ولا مبادي لها ، فإذا فرض عدم الانشاء لها أيضاً لم يكن حكماً أصلاً. كما انّه لو فرض وجود انشاء ومجعول اعتباري فلا فرق من هذه الناحية بين صياغاتها المختلفة. نعم ، يوجد فرق بينها من احدى ناحيتين :
أ ـ مقدار الحكم الظاهري وسعته وضيقه بلحاظ الأحكام الواقعية ، فالأحكام الظاهرية المحرزة ـ سواءً الامارات أو الاصول ـ يترتب في موردها تمام الآثار الشرعية الواقعية المترتبة على ما أحرزه ذلك الحكم الظاهري ظاهراً ، فتكون الحكومة الظاهرية أوسع ، بخلاف أصالة البراءة أو الاحتياط الشرعية فإنّه حكم ظاهري بمقدار نفس الحكم الواقعي المشكوك لا آثاره والأحكام الاخرى المترتبة عليه ، فصحّة المعاملة مثلاً لا تثبت بالبراءة عن حرمة أكل الطعام المشكوك.