النحو الثاني : بصياغة أدق وأمتن وهو انّ التنزيل الأوّل إذا كان لحكم ثابت على الجزء الأوّل مستقلاً فالمفروض عدمه وإن كان بلحاظ نفس الحكم المترتب على الجزئين فيلزم تحقق التنزيل الواحد في رتبتين وتقدم الشيء على نفسه بل توقفه عليه وهو محال فلابد من عرضية التنزيلين.
وإن شئت قلت : انّ الطولية تستلزم تعدد التنزيل وكون أحدهما في طول الآخر بل متأخراً عنه ومتوقفاً عليه ، وكون الحكم المنزل واحداً لمجموع الجزئين التنزيلين يستلزم وحدة التنزيل فهو خلف التعدد فضلاً عن كونه في رتبتين أو متوقفاً على نفسه ، فإنّ هذا كلّه محال في الحكم الواحد.
والجواب الفني العام : أنّ هذا الاشكال إنّما يرد إذا اريد التنزيل والاسراء الحقيقي من التنزيل مع أنّ التنزيل أمر اثباتي صرف لا ثبوتي ، فهو لسان من ألسنة بيان سعة الحكم أو تقييده فلا مانع من تعدد التنزيل في جزئي موضوع حكم واحد عرضياً كان أو طولياً إذ ليست الطولية في عالم الثبوت إذ لا تنزيل ولا اسراء ثبوتاً بل في عالم الثبوت ليس إلاّثبوت الحكم على الموضوع العام بتمام مصاديقه في عرض واحد ولا يعقل فيه اسراء وتنزيل ، وهذا معناه انّه كما يمكن بيان ذلك بالتنزيلين العرضيين كذلك يمكن بيانه بالتنزيلين الطوليين كما في المقام لو تمت ملاك الدلالة الالتزامية في كلام الحاشية.
نعم ، لو كان المراد من الطولية بيان انّ ثبوت الحكم على أحد الجزئين في طول ثبوته على الجزء الآخر ـ والثبوت الواقعي حيثية ثبوتية ـ كان محالاً إلاّ أنّه لا وجه لحمل الدليل الطولي على ذلك بل يمكن أن يحمل على الثبوت اللولائي كما في التنزيلين العرضيين.