وإن شئت قلت : انّ خصوصية التجرد عن القيد المذكور خصوصية في عالم اللحاظ وليس مأخوذاً في الملحوظ وقيداً فيه وهذا يعني سعة وإطلاق الملحوظ وقابلية انطباقه على المقيّد كما هو كذلك في جميع المطلقات التي تلحظ فيها الطبيعة مجردة عن القيد ، فالتجرد خصوصية في اللحاظ في المطلق مع وحدة ملحوظه مع ذات الطبيعة في المقيد ولهذا قلنا في محله بأنّ النسبة بين التصور المطلق والمقيد من حيث الملحوظ أقل وأكثر وان التقابل بينهما بالسلب والايجاب ومن حيث نفس اللحاظ بينهما تباين لكون كل منهما صورة ذهنية غير الآخر ، وانّ التقابل بينهما بهذا الاعتبار يكون بالتضاد.
وثالثاً ـ النقض بسائر القيود حتى الأولية لأنّ المطلق مع المقيد يستحيل اجتماعهما في لحاظ واحد أيضاً ، لأخذ التجرد قيداً في اللحاظ المطلق ـ على ما تقدم في مبحث المطلق والمقيّد ـ ومنه يعرف عدم تمامية المقدمة الثالثة ، بمعنى أنّ ذات الملحوظ في التعقلين والتصورين الذهنيين إذا كان واحداً كان مقسماً واحداً لهما كما في المطلق والمقيد ، وإن كان المطلق بما هو مطلق لحاظه مبايناً مع المقيّد بما هو مقيّد في الذهن ؛ لأنّ معروض الحكم هو الملحوظ مع قطع النظر عن كيفيّات لحاظه بالحمل الشايع في الذهن فيكون ما هو موضوع للحكم الواقعي وما هو موضوع للحكم الظاهري مجتمعين في عالم التعقل لا محالة ، ويكون الملحوظ هو المقسم لهما معاً كما هو واضح.
وإن شئت قلت : انّ ما ذكر في المقدمة الثالثة من الفرق بين المقام وبين سائر القيود والتقسيمات الأولية غير تام ، إذ لو اريد عدم اجتماع اللحاظين من ناحية أخذ التجرد عن القيد في الملحوظ للمطلق فهو واضح البطلان وإن اريد أخذه قيداً للحاظ فهذا مشترك في تمام المطلقات والمقيدات.