الوجه التاسع : ما ذكره المحقق العراقي قدسسره بعد ردّه لكلام صاحب الدرر المتقدم عن استاذه الفشاركي بما يشبه ما ذكرناه ، أفاد وجهاً آخر حاول أن يثبت به أنّ للذات الملحوظة مرتبتين طوليتين في الذهن في موارد الحكم الظاهري وذلك ببيان الفرق بين موارد التقييد بنحو النسبة الناقصة ولو بالقيود الثانوية كما في صلاة الجمعة وصلاة الجمعة مشكوكة الوجوب وبين موارد القضية الشرطية كما إذا قال : إذا كانت صلاة الجمعة مشكوكة الوجوب جاز تركها ، فإنّه في الأوّل تكون ذات صلاة الجمعة ـ الملحوظ ـ محفوظة في المقيد أيضاً غاية الأمر مع اضافة التقيد بالقيد عليها ، وامّا في الثاني فما هو موضوع الحكم في الجزاء ليس هو الذات المقيدة فإنّ هذا خلاف ظاهر الشرطية ، وفرقها عن القضايا الوصفية ولا الذات المطلقة فإنّه خلاف التعليق والشرطية ، وإنّما هي الذات المنتزعة في المرتبة المتأخرة عن اتصاف الذات بوصف المشكوكية في جملة الشرط فكأنّ الذهن يرجع إلى الذات الموصوفة بوصف المشكوكية في جملة الشرط ليتصور في طول ذلك ذات صلاة الجمعة المنتزعة عن ذلك المقيد ـ الموصوف مع وصفه ـ ومن هنا تكون الذات المتصورة في هذه المرتبة رغم تجردها عن القيد طولية وبالتالي غير مطلقة وغير منطبقة إلاّفي فرض تحقق الشرط. فإذا تعددت مرتبة الذات لم يلزم وحدة معروض الارادة والكراهة والحكم الواقعي والحكم الظاهري ، وقد نظَّر ذلك بما ذكره في التجري من أنّ الفعل بعنوانه الأولي حسن وبعنوان كونه تجرياً يكون قبيحاً لأنّ الذات ملحوظة في مرتبتين طوليتين فيكون هناك ذاتان في عالم الذهن أحدهما موضوع للارادة والاخرى للكراهة أو اللاارادة.
ثمّ استظهر من أدلّة الأحكام الظاهرية رجوعها جميعاً إلى قضايا شرطية