كيف ولا ينبغي الشك في أنّ المشرّع لا يمكنه ـ مع قطع النظر عن وصول تشريعاته للمكلفين أو عدم وصولها ـ أن يحكم في مورد واحد بحكمين متضادين ، وهذا واضح.
والمنهج الصحيح والحلّ اللازم في دفع اشكال التضاد أن نصوّر حكماً ظاهرياً له مبادئ حقيقية في نفس المولى ـ لا مجرّد لقلقة انشاء ـ لكي يمكن أن يقع موضوعاً لحكم العقل بالطاعة والمحركية المولوية ، وفي نفس الوقت لا تكون تلك المبادئ مناقضة أو مضادة مع مبادئ الحكم الواقعي ، بل قابلة للاجتماع معها في موارد الشك وعدم العلم بالحكم الواقعي ، وهذا المنهج سوف يتضح في نهاية المطاف.
المقام الثاني ـ في دفع المحذور الملاكي والذي يمكن تقريبه بأحد نحوين :
الأوّل : ما يحكم به العقل من قبح تفويت المصلحة بجعل الحكم الظاهري على خلاف الواقع على المكلف أو القائه في المفسدة.
الثاني : ما يلزم من جعل الحكم الظاهري من نقض الغرض من الحكم والخطاب الواقعي وهو ممتنع وهذا الغرض إذا اريد به الفرض من المأمور به الذي هو نفس المصلحة والمفسدة أو أي غرض آخر يريده المولى ، رجع إلى الوجه الأوّل بروحه ، ويكون محصل الوجه الأوّل لزوم تفويت الغرض من التكليف والذي إذا كان من نوع المصلحة أو المفسدة فتفويت المصلحة والالقاء في المفسدة يكون قبيحاً عقلاً ، وإلاّ فهو لا يصدر من الملتفت ، ولو فرضنا انكار الحسن والقبح العقليين أو المصلحة والمفسدة في متعلقات الأحكام كما على مسلك الأشعري.