ومن هنا قد يقرر محذور نقض الغرض بنحو آخر حاصله : لزوم نقض الغرض بلحاظ المنتهى والمقصود من جعل الخطاب الشرعي ، فإنّ الغرض المولوي من جعله وانشائه هو ايجاد الداعي وتحريك المكلف نحو الامتثال ، فالمنع عن ذلك بجعل حكم ظاهري مخالف خلف ذلك الغرض المولوي.
وإن شئت عبّرت عنه بأنّه يستلزم التناقض أو التضاد بلحاظ الغرض من جعل الخطاب ؛ لأنّ الخطاب إنّما يجعله المولى بغرض المحركية ولو في طول وصوله ومنجزيته فجعل ما يمنع عن ذلك ويصدّه وينافيه خلف ممتنع ـ ولعله لهذا جعله المحقق العراقي قدسسره محذوراً خطابياً لا ملاكياً ؛ لأنّ قوام الحكم بذلك ـ وهذه غير شبهة اجتماع الضدين في المنتهى والمنجزية والمعذرية ليقال في دفعه بعدم اجتماع الحكمين موضوعاً ووصولاً لدى المكلف ، بل هذا محذور ثبوتي في حق المولى وغرضه التكويني من الجعل ، والذي يكون قوام الحكم والجعل ، كما انّه غير شبهة تفويت المصلحة أو الايقاع في المفسدة بلحاظ فعل المكلف ، كما هو واضح.
وظاهر كلمات المحققين العراقي والاصفهاني الالتفات إلى هذه الشبهة ومحاولة الجواب عليها بما سوف يأتي.
وأمّا مدرسة المحقق النائيني قدسسره فقد اقتصرت على المحذورين التنافي بلحاظ المبادئ ـ المحذور الخطابي ـ ولزوم تفويت المصلحة أو الالقاء في المفسدة ـ المحذور الملاكي ـ.
وقد يقال : انّ الحق مع الميرزا قدسسره ؛ لأنّ الغرض أو الارادة من وراء جعل الخطاب ارادة غيرية تكوينية تابعة للغرض النفسي وللارادة التشريعية المتعلقة