التصويب إنّما هو ثبوت الحكم الواقعي وفعلّيته بمباديه من المصلحة والمفسدة والحب والبغض والجعل أو التصدّي المولوي لتسجيله على ذمة المكلّف في موارد الشك والاشتباه كثبوته في موارد العلم ، إلاّ انّ هذا الثبوت والفعلية لا يقتضي المحرّكية تكويناً ـ وهو الغرض التكويني المقدّمي للمولى من الخطاب الواقعي حسب تعبيرات المحقّق العراقي قدسسره ـ مطلقاً أي حتى في موارد الشك والاشتباه ، بل يقتضي المحرّكية بمقدار لا يلزم من عدمه ـ ولو عرفاً وعقلائياً ـ لغوية الخطاب الواقعي وهو موارد العلم واحراز الحكم الواقعي صغرىً وكبرىً ؛ لأنّ رفع هذا المقدار من المحركية بحكم انعدام الارادة التشريعية ولغوية جعل الحكم.
وأمّا المحركية أكثر من ذلك فهو غير مربوط بفعلية الخطاب الواقعي وفعلية مبادئه بل مربوط بحكم العقل بالتنجيز والتعذير أو اهتمام الشارع وتوسيعه لدائرة المحركية أو تضييقها بجعل ايجاب الاحتياط الرافع للتأمين العقلي أو جعل الترخيص الظاهري الرافع لحكم العقل بحق الطاعة والمنجّزيّة.
وتترتّب على هذه الامور الأربعة فعلية الحكم الواقعي في موارد الشك وعدم العلم ، بحيث لو أراد المكلّف من نفسه الاحتياط وصادف الواقع وقع امتثالاً ـ وهذا بخلاف ما إذا كان الحكم الواقعي مرفوعاً ـ كما ويترتب عدم التضاد بين الحكم الواقعي مع الالزام أو الترخيص الظاهري لكون الحكم الظاهري لم يناقض شيئاً من مباديه وأغراضه ولا شيئاً من اقتضائاته التشريعية أو التكوينية كما لم يوسّع ولم يضيّق شيئاً منها وإنّما وسّع أو ضيّق من موضوع حكم العقل بالتنجيز أو التعذير حسب درجة اهتمامه بملاكات أحكام الواقعية المتزاحمة تزاحماً حفظياً ، أي بسبب التردد والاشتباه والشك ، والله الهادي للصواب.