والغريب انّه صرّح بأنّ تشخيص ذلك يكون بالاستظهار العرفي ومع ذلك لم يبيّن في المقام وجه افتراض انّ الموضوع للجزاء ذات النبأ لا نبأ الفاسق.
ثمّ انّ الوارد في تقريراته انّه في الدورة السابقة أنكر المفهوم باستظهار انّ الموضوع ليس هو النبأ بل الفاسق والتبيّن متوقف على مجيئه بالنبأ عقلاً فمفاد الآية انّ الفاسق إن جاءكم بنبأ فتبيّنوا نظير ذلك إن أعطاك زيد ردهماً فتصدق به الذي يكون الموضوع فيه زيد وله حالتان : حالة اعطاء الدرهم وحالة عدم اعطائه ، إلاّ أنّ حالة عدم اعطائه يكون التصدق منتفياً بانتفاء موضوعه فلا دلالة للآية على الموضوع.
وهذا الكلام غريب بظاهره فإنّه وقع فيه الخلط بين ما هو موضوع الشرطية وما هو موضوع الحكم في طرف الجزاء ، فإنّ ما يستلزم السالبة بانتفاء الموضوع إنّما هو انتفاء موضوع الجزاء لا موضوع القضية الشرطية.
ولعلّ واقع مقصوده دام ظله ما ذكره السيد الشهيد قدسسره في الدورة الثانية من انّ الشرطية لو كان لها موضوع مستقل عن موضوع الجزاء فلا مفهوم لها حتى إذا لم يكن انتفاء الشرط مستلزماً لانتفاء موضوع الحكم في طرف الجزاء.
إلاّ انّ السيد الشهيد طبّق هذه النكتة على العكس بحيث أنتج ثبوت المفهوم للآية وحصول جواب ثالث على شبهة انّ الشرطية مسوقة لتحقق الموضوع حيث استظهر انّ ما هو الموضوع المقدر وجوده للشرطية هو طبيعي النبأ ومجيىء الفاسق به هو الشرط والتبيّن عن النبأ هو الجزاء فيكون الموضوع وهو النبأ بحكم كونه موضوعاً لأصل الشرطية مقدّر الوجود فيستحيل أن تكون الشرطية مسوقة لتحققه.