ثمّ انّ مقتضى إطلاق أدلّة فعلية الأحكام الأولية بقاء التكليف الواقعي وان الرفع للاهتمام والحكم الظاهري فالتقريب الثاني والثالث متقدم رتبة على الأوّل ؛ لأنّه مستلزم لتقييد زائد في أدلّة الأحكام الواقعية ، ولا موجب له مع امكان رفع ايجاب الاحتياط وبالتالي اثبات التوسط في التنجيز لا التكليف.
وإن شئت قلت : انّ المرفوع به الفعلية المطلقة للحكم الواقعي ومن جميع الجهات بحسب مصطلح صاحب الكفاية قدسسره لا مطلق الفعلية.
لا يقال : لازم ذلك أن تكون القاعدة في المقام ظاهرية كما إذا دلّ دليل على جعل الترخيص الظاهري في بعض الأطراف مع انها قاعدة واقعية في سائر الموارد ، وكيف يمكن الجمع في قاعدة واحدة بين الظاهرية والواقعية.
فإنّه يقال : المحذور إنّما يكون فيما إذا كان الرفع بالقاعدة ظاهرياً وواقعياً في نفس الوقت لا ما إذا كان الرفع واقعياً على كل حال ، إلاّ انّ المرفوع قد يكون حكماً واقعياً ينشأ منه الحرج كالوضوء الحرجي وقد يكون حكماً ظاهرياً ينشأ منه ذلك كايجاب الاحتياط واهتمام المولى بأغراضه الالزامية ، وهذا لا محذور فيه لأنّه لا يعني أكثر من إطلاق النفي لكل حكم شرعي ينشأ منه الحرج وهذا واضح.
لا يقال : ظاهر الآية المباركة نفي الجعل الحرجي من ناحية أصل الشريعة وامّا الحرج الناشىء من سوء اختيار الناس وابتعادهم عن الأئمّة المعصومين عليهمالسلام المسبب لتحريف أو اختفاء الأحكام عليهم فليس ذلك مربوطاً بالشريعة لكي ينفى بالقاعدة ؛ وهذا نظير ما يقال من عدم ارتفاع الحكم الضرري إذا كان باقدام المكلّف نفسه على الضرر.