والصواب كمن يتصور قدوم مولاه فيقوم له احتراماً ثمّ ينكشف عدم كون القادم مولاه ، فإنّه لا يقال انّه احترم مولاه ، وهكذا في طرف الاساءة ، وإنّما يقال أنّه أقدم على ذلك وأراد الاحترام أو الاساءة فهذا بنفسه منبه إلى التصور الثاني لا الأوّل ، وفي قبال ذلك منبهان :
المنبه الأوّل : انّ لازم أخذ المخالفة الواقعية قيداً في حق الطاعة والاحترام أن يكون حكم العقل بمنجزية القطع والذي قلنا انّه يرجع إلى نفس ادراكه لحق الطاعة والمولوية في مورده منوطاً باصابته للواقع بحيث عندما ينكشف الخلاف ينكشف عدم ثبوت القبح والمنجزية وحق الطاعة فيه لارتفاع أحد جزئي موضوعه بحيث يرى العقل فرقاً في المنجزية بين القطع المصيب والقطع غير المصيب مع انّ الوجدان قاضٍ بعدم الفرق وكون المنجزية فعلية في كليهما وأنّ التخطئة ليست للمنجزية بل لنفس القطع بحيث انّ القائل بعدم قبح التجري يلتزم أيضاً بفعلية منجزية القطع وكونها من لوازمه التي لا يمكن تفكيكه عنه.
ومنبه آخر : موارد الاحتمال المنجز فإنّه لا إشكال في فعلية المنجزية والقبح وحكم العقل فيها بذلك ، مع أنّ ملاك ذلك إن كان المخالفة لأمر المولى فهو أمر محتمل وليس على كل تقدير إذ ليس معنى المنجزية فيها احتمال المخالفة وبالتالي احتمال العقاب الذي يحكم العقل بلزوم دفعه ، فإنّ هذا المبنى غير تام على ما شرحناه في محله ، فإنّ استحقاق العقاب ليس محتملاً بل مقطوع به في موارد التنجيز وليست المحركية العقلية والمنجزية من باب قاعدة دفع الضرر المحتمل بل باستحقاق العقاب المنجز على ما سيأتي شرحه.
وكلا هذين المنبهين يمكن دفعهما بالالتزام بما يأتي من ثبوت مدرك عقلي آخر هو قبح الاقدام على الفعل القبيح حتى الاقدام الاحتمالي بالنسبة إلى المولى