ثم يؤكد ذلك مرة أخرى مع زيادة وتوسع فى تفصيل وتوضيح فيقول :
« فيثبت بهذا الطريق أن قولنا : « اعوذ بالله » مشتمل على عشرة آلاف مسألة وأزيد أو أقل من المسائل المهمة المعتبرة ».
والكتاب بين يدى القارئ بذلك يعتبر مائدة كبرى حوت أطيب المآكل والمشارب وقطوف الثمرات يشبع ويروى بها أهل العلم ودارسوا القرآن وعلومه أفئدتهم وظمأهم من هذا التفسير المبارك.
رحم الله الرازى ونفع بتفسيره وجزاه عن القرآن وعلوم القرآن ودارسيه خير الجزاء.
نموذج من تفسيره :
قوله تعالى : « لا ريب فيه » فيه مسئلتان :
المسألة الأولى : « الريب » قريب من الشك ، وفيه زيادة كأنه ظن سوء ... تقول : رابنى امر فلان اذا ظننت به سوءا ، ومنه قوله عليهالسلام : « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ».
فان قيل ؛ قد يستعمل الريب فى قولهم ريب الدهر ، وريب الزمان أى حوادثه.
قال تعالى : نتربص به ريب المنون. ويستعمل أيضا فى معنى ما يختلج فى القلب من أسباب الغيظ كقول الشاعر :
قضينا فى تهامة كل ريب |
|
وخير ثم اجمعنا السيوفا |
قلنا : هذان قد يرجعان الى معنى الشك لأن الشك ما يخاف من ريب المنون محتمل فهو كالمشكول ، وكذلك ما اختلج بالقلب فهو غير متيقن.
فقوله تعالى : « لا ريب فيه » المراد منه نفى كونه مظنة الريب بوجه من الوجوه ، والمقصود أنه لا شبهة فى صحته ولا فى كونه من عند الله ولا فى كونه معجزا.