ويهمنا من هذه الكتب ما يتصل بالتفسير وعلومه حيث تبدو خدمته للقرآن واضحة ، ومنهجه فى تأويل الكتب المتصلة بعلومه سليما غاية السلامة ، نافعا كل النفع.
وقد تحدث ابن قتيبة فى كتابه تأويل مشكل القرآن عن القرآن فقال : ـ الحمد الله الذى نهج لنا سبيل الرشاد ، وهدانا بنور الكتاب ، ولم يجعل له عوجا ، بل نزله قيما ، مفصلا بينا.
( لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ). ( سورة فصلت الآية ٤٢ )
وشرفه وكرمه ، ورفعه وعظمه ، وسماه روحه ورحمة ، وشفاء ، وهدى ونورا.
وقطع منه بمعجز التأليف أطماع الكائدين ، أبانه بعجيب النظم عن جيل المتكلفين وجعله متلوا لا يمل على طول التلاوة ، ومسموعا لا تمجه الآذان ، وغضا لا يخلق على كثرة الرد وعجيبا لا تنقضى عجائبه ، ومفيدا لا تنقطع فوائده .. ونسخ به سالف الكتب ، وجمع الكثير من معانيه فى القليل من لفظه ، وذلك معنى قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
( أوتيت جوامع الكلم ).
فإن شئت أن تعرف ذلك فتدبر قوله سبحانه :
« خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ».
كيف جمع له بهذا الكلام كل خلق عظيم ، لأن فى أخذ العفو صلة القاطعين والصفح عن الظالمين ، وإعطاء المانعين.
وفى الأمر بالعرف تقوى الله ، وصلة الأرحام ، وصون اللسان عن الكذب وغض الطرف عن الحرمات.