وإنما سمى هذا وما أشبهه عرفا ومعروفا لأن كل نفس تعرفه ، وكل قلب يطمئن إليه.
ويستطرد فى التمثيل لإيجاز القرآن فى اللفظ مع وفرة المعانى التى تدل عليها الألفاظ القليلة .. ومما ذكره فى ذلك قوله تعالى :
( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ؟ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ؟ ). ( سورة يونس الآية ٤٢ ، ٤٣ )
كيف دل على فضل السمع على البصر ، حين جعل مع الصمم فقدان العقل ولم يجعل مع العمى إلا فقدان النظر.
وكان من المنافحين عن لغة العرب ، الكاشفين عن أسرارها ، الموضحين لمزاياها وخصائصها وإنه يقول عن العرب وما خصهم الله به من العارضة والبيان واتساع المجال.
وإنما يعرف فضل القرآن من كثرة نظره ، واتساع علمه ، وفهم مذاهب العرب وافتنانها فى الأساليب ، وما خص الله به لغتنا دون جميع اللغات ، فإنه ليس فى جميع الأمم أمة أوتيت من العارضة والبيان ، واتساع المجال ما أوتيته العرب خصيص من الله لما أرهصه فى الرسول ، وأراده من إقامة الدليل على نبوته بالكتاب ، فجعله علمه ، كما جعل علم كل نبى من المرسلين من أشبه الأمور بما فى زمانه المبعوث فيه :
ويطول بنا المقام لو استعرضنا ما ذكره من أمثلة على ذلك ، ويكفينا هنا قوله :