ولو أن قائلا قال : هذا قاتل أخى بالتنوين ، وقال آخر : هذا قاتل أخى بالإضافة لدل التنوين على أنه لم يقتله ، ودل حذف التنوين على أنه قد قتله :
ويتعرض ابن قتيبة لبعض المعانى المقصودة من الآيات التى عجز عن فهمها كثير من الناس ، وظن البعض أنها تعارض العقل.
ومن أجمل ما ذكره فى ذلك ردا على ما قيل عن تكرار الكلام والزيادة ، ومما يقوله فى ذلك.
وأما تكرار الأنبياء والقصص ، فإن الله تبارك وتعالى أنزل القرآن نجوما « أجزاء متفرقة » فى ثلاث وعشرين سنة ، بفرض بعد فرض تيسيرا منه على العباد ، وتدريجا لهم إلى كمال دينه ، ووعظ بعد وعظ ، تنبيها لهم من سنة الغفلة ، وشحذا لقلوبهم بمتجدد الموعظة ، وناسخ بعد منسوخ ، استعبادا لهم ، واختبارا لبصائرهم يقول الله عزوجل :
( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً ).
( سورة الفرقان الآية ٣٢ )
الخطاب للنبى صلىاللهعليهوسلم والمراد والمقصود به بالتثبيت أنه هو والمؤمنون.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السّامة عليهم أى يتعهدهم بها عند الغفلة ودثور القلوب.
ولو أتاهم القرآن نجما واحدا لسبق حدوث الأسباب التى أنزله الله بها ، ولثقلت جملة الفرائض على المسلمين ، وعلى من أراد الدخول فى الدين ، ولبطل معنى التنبيه ، وفسد معنى النسخ ، لأن المنسوخ يعمل به مدة ثم يعمل بناسخه بعده.