فرددت حينئذ على النفس تعللها القديم وشرعت مستعينا بالله تعالى العظيم.وكأنى ان شاء الله عن فريب عند اتمامه بعون عالم سرى ونجواى ، أنادى وأقول غير مبال بتشنيع جهول : هذا تأويل رؤياى ، وكان الشروع فى الليلة السادسة عشرة من شعبان المبارك من السنة المذكورة وهى السنة الرابعة والثلاثون من سنى عمرى جعلها الله تعالى بسنى لطفة ميسورة وهاك نموذجا من تفسيره : ـ
قال تعالى : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ ـ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ).
( سورة البقرة : ١٨٨ )
( ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل ).
والمراد من ـ الأكل ما يعم الأخذ والاستيلاء ، وعبر به لأنه أهم الحوائج وبه يحصل اتلاف المال غالبا ..
والمعنى : لا يأكل بعضكم مال بعض ، فهو على حد ( وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) سورة الحجرات : ١١ من تقسيم الجمع على الجمع ، كما فى « راكبو دوابهم » حتى يكون معناه لا يأكل واحد منكم مال نفسه ، بدليل قوله سبحانه : ( بينكم ) فإنه ـ بمعنى الواسطة ـ يقتضى أن يكون ما يضاف إليه منقسما إلى طرفين ، يكون الأكل والمال حال الأكل متوسطا بينهما ، وذلك ظاهر على المعنى المذكور ، والظرف متعلق بـ « تأكلوا » كالجار والمجرور بعده ، أو بمحذوف حال من ( الأموال ) والباء للسببية ، والمراد ـ من « الباطل » الحرام ، كالسرقة ، والغضب ، وكل ما لم يأذن بأخذه الشرع.( وتدلوا بها إلى الحكام ) عطف على تأكلوا ، فهو منهى عنه مثله ، مجزوم بما جزمه وجوز نصبه بأن مضمرة ، ومثل هذا التركيب وان كان للنهى عن الجمع إلا أنه لا ينافى أن يكون كل من الأمرين منهيا عنه.