والادلاء فى الاصل إرسال الحبل فى البئر ثم استعير للتوصيل إلى الشيء أو الالقاء والباء صلة الادلاء ، وجوز أن تكون سببه ، والضمير المجرور للاموال أى لا تتوصلوا أو لا تلقوا بحكومتها والخصومة فيها إلى الحكام ، وقيل لا تلقوا بعضها إلى حكام السوء على وجه الرشوة وقرأ أبى ( ولا تدلوا ) ( لتأكلوا ) بالتحاكم والرفع إليهم.
فريقا : جملة.
من اموال الناس بالاثم : أى بسبب ما يوجب اثما كشهادة الزور واليمين الفاجرة ويحتمل أن تكون الباء للمصاحبة ، أى متلبسين بالاثم ، والجار والمجرور على الاول متعلق بتأكلوا .. وعلى الثانى حال من فاعله ، وكذلك :( وانتم تعلمون ) ومفعول العلم محذوف أى : تعلمون أنكم مبطلون.
وفيه دلالة على أن من لا يعلم أنه مبطل وحكم له الحاكم يأخذ مال يجوز له أخذه اخرج ابن أبى حاتم عن سعيد بن جبير مرسلا أن عبد الله بن أشوع الحضرمى وامرؤ القيس بن عابس اختصما فى أرض ولم تكن بينه ، فحكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأن يحلف امرؤ القيس فهم به ، فقرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً )
( سورة آل عمران : ٧٧ )
فارتدع عن اليمين وسلم الأرض فنزلت.
واستدل بها على أن حكم القاضى لا ينقذ باطنا فلا يحل به الأخذ فى الواقع وإلى ذلك ذهب الشافعى رضى الله تعالى عنه ، وأبو يوسف محمد ، ويؤيده ما أخرجه البخارى ومسلم عن أم سلمه زوج النبى صلىاللهعليهوسلم أن رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم قال : ـ
« إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلى ، ولعل بعضكم أن يكون الحن بحجته من بعض فأقضى له على نحو ما اسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذنه فإنما اقطع له قطعة من النار ».