وكان شيوخ نيسابور يستعيرون منه بعض ما يحتاجون إليه من هذه الذخائر ، فيعيرهم إياه ..
وقد ابتدأ أبو عبد الرحمن التصنيف سنة نيف وخمسين وثلاثمائة ، وهذا معناه أن أباه عبد الرحمن ظل يؤلف قريبا من بضعة وخمسين عاما ..
وقد اشتهر أبو عبد الرحمن بأنه نقّال الصوفية ، وراوى كلامهم ، وممن له العناية التامة بتوطئة مذهب المتصوفة وتهذيبه على ما بينه الأوائل.
ولقد كان مدققا فى تعبيره عن مذهب الصوفية ، واختباره لمن سبقه.
بمثل هذا المذهب من الشيخ ، فالإمام الكامل ، الفقيه الأصولي المفسر الأسفرايني الذي اشتهر بالدفاع القوى عن مذهب أهل السنة والرد على البدع وعلى كل ما يخالف مذهب أهل السنة : يقول فى كتابه « التبصير فى الدين » :سادس ما امتاز به أهل السنة هو :
علم « التصوف » والاشارات وما لهم فيها من الدقائق والحقائق ، لم يكن قط لاحد من « أهل البدعة » فيه حظ ، بل كانوا محرومين مما فيه من الراحة والحلاوة ، والسكينة والطمأنينة ، وقد ذكر ابو عبيد الرحمن السلمى من مشايخهم قريبا من ألف ، وجمع اشاراتهم وأحاديثهم. ولم يوجد فى جملتهم قط من ينسب إلى بدع « القدرية » و « الروافض » و « الخوارج ».
وكيف يتصور فيهم من هؤلاء ، وكلامهم يدور على التسليم والتفويض من النفس ، والتوحيد بالخلق والمشيئة.
وأهل البدع ينسبون الفعل والمشيئة ، والخلق والتقدير ، إلى انفسهم وذلك بمعزل عما عليه أهل الحقائق من التسليم والتوحيد.
ولد على المشهور ـ فى رمضان سنة ثلاثين وثلاثمائة ، وقيل : سنة خمس وعشرين وثلاثمائة ..
وكان والده شيخا ، ورعا ، زاهدا ، دام المجاهدة ، له القدم فى علوم