والناس على أنه إذا وافى أقطعه قطيعة وبنى له فيها وحول الخمارين والقيان إليه ووصله وبره وجعل له منزلا سريا حتى يزوره هو فيه فلما وافى موسى تلقاه أبو الحسن في قنطرة وصيف وهو موضع تتلقى فيه القادمون فسلم عليه ووفاه حقه ثم قال له إن هذا الرجل قد أحضرك ليهتكك ويضع منك فلا تقر له أنك شربت نبيذا قط فقال له موسى فإذا كان دعاني لهذا فما حيلتي قال فلا تضع من قدرك ولا تفعل فإنما أراد هتكك فأبى عليه فكرر عليه فلما رأى أنه لا يجيب قال أما إن هذا مجلس لا تجمع أنت وهو عليه أبدا فأقام ثلاث سنين يبكر كل يوم فيقال له قد تشاغل اليوم فرح فيروح فيقال قد سكر فبكر فيبكر فيقال شرب دواء فما زال على هذا ثلاث سنين حتى قتل المتوكل ولم يجتمع معه عليه.
______________________________________________________
وأشهره فإن الخبر يسمع عن ابن الرضا ولا يفرق الناس بينه وبين أخيه ومن عرفه اتهم أخاه بمثل فعاله ، فقال : اكتبوا بأشخاصه مكرما فأشخص وتقدم المتوكل بأن يتلقاه جميع بني هاشم والقواد وسائر الناس وعمل على أنه إذا وافى أقطعه قطيعة وبنى له فيها ، وحول إليه الخمارين والقيان ، وتقدم بصلته وبره وأفرد له منزلا سريا يصلح لأن يزوره هو فيه ، إلخ.
« أقطعه » أي أعطاه طائفة من أرض الخراج كما فعله بسائر أمرائه ، وفي القاموس القين العبد والجمع قيان والقينة الأمة المغنية أو أعم ، والسري الشريف والنفيس ووفاه حقه أي أعطاه من التعظيم والإكرام ما هو حقه ولم ينقص منهما شيئا « ليهتكك » أي يفضحك ، وفي القاموس هتك الستر وغيره يهتكه فانهتك وتهتك جذبه فقطعه من موضعه ، أو شق منه جزءا فبدا ما وراءه ، ورجل منهتك ومتهتك أي لا يبالي أن يهتك سره « ويضع منك » أي ينقص شيئا من قدرك بذلك « فلا تقر له » إما بالسكوت أو بالإنكار وإن كان كذبا للمصلحة « فيقال له » أي في بعض تبكيره والخبر مشتمل على إعجازه عليهالسلام حيث أخبر بوقوع ما لم يتوقع عادة فوقع.