أبا محمد عليهالسلام بعث إلي يوما في وقت صلاة الظهر فقال لي افصد هذا العرق قال وناولني عرقا لم أفهمه من العروق التي تفصد فقلت في نفسي ما رأيت أمرا أعجب من هذا يأمرني أن أفصد في وقت الظهر وليس بوقت فصد والثانية عرق لا أفهمه ثم قال لي انتظر وكن في الدار فلما أمسى دعاني وقال لي سرح الدم فسرحت ثم قال لي أمسك فأمسكت ثم قال لي كن في الدار فلما كان نصف الليل أرسل إلي وقال لي سرح الدم قال فتعجبت أكثر من عجبي الأول وكرهت أن أسأله قال فسرحت فخرج دم أبيض كأنه الملح قال ثم قال لي احبس قال فحبست قال ثم قال كن في الدار فلما أصبحت أمر قهرمانه أن يعطيني ثلاثة دنانير فأخذتها وخرجت حتى أتيت ابن بختيشوع النصراني فقصصت عليه القصة قال فقال لي والله ما أفهم ما تقول ولا أعرفه في شيء من الطب ولا قرأته في كتاب ولا أعلم في دهرنا أعلم بكتب النصرانية من فلان الفارسي فاخرج إليه قال فاكتريت زورقا إلى البصرة وأتيت الأهواز ثم صرت إلى فارس إلى صاحبي فأخبرته الخبر قال وقال أنظرني أياما
______________________________________________________
« سرح » أي أرسل ، وفي النهاية فيه : كتب إلى قهرمانه ، هو كالخازن والوكيل والحافظ لما تحت يده ، والقائم بأمور الرجل بلغة الفرس « بكتب النصرانية » أي ما ألفوه في الطب ، والزورق السفينة الصغيرة « إلى صاحبي » أي من طلبته.
وأقول : روي هذا الخبر في الخرائج على وجه آخر أبسط قال : حدث بطريق متطبب بالري قد أتى عليه مائة سنة ونيف وقال : كنت تلميذ بختيشوع طبيب المتوكل ، وكان يصطفيني ، فبعث إليه الحسن بن علي بن محمد بن الرضا عليهمالسلام أن يبعث إليه بأخص أصحابه عنده ليفصده ، فاختارني وقال : قد طلب مني ابن الرضا عليهالسلام من يفصده فصر إليه وهو أعلم في يومنا هذا بمن هو في تحت السماء ، فاحذر أن لا تعترض عليه فيما يأمرك به ، فمضيت إليه فأمرني إلى حجرة وقال : كن إلى أن أطلبك ، قال : وكان الوقت الذي دخلت إليه فيه عندي جيدا محمودا للفصد ، فدعاني في وقت غير محمود له ، وأحضر طشتا عظيما ، ففصدت الأكحل فلم يزل الدم يخرج