فزرت العراق ووردت طوس وعزمت أن لا أخرج إلا عن بينة من أمري ونجاح من حوائجي ولو احتجت أن أقيم بها حتى أتصدق قال وفي خلال ذلك يضيق صدري بالمقام وأخاف أن يفوتني الحج قال فجئت يوما إلى محمد بن أحمد أتقاضاه فقال لي:
______________________________________________________
عبارة عن طاعة الإمام ، والزكاة عن أداء الخمس إلى الإمام ، والصوم عن إخفاء الأسرار والزنا عن إفشائها ، وإنما سموا بهذا الاسم لأنه كتب واحد من رؤسائهم في بداية الحال بخط قرمط فنسبوه إلى القرمطة ، فالقرامطة جمع القرمطي.
قوله : وزرت (١) الظاهر أن الواو للحال ، أي وقد زرت قبل ذلك الرضا عليهالسلام بطوس خراسان ، ثم عزمت الحج وزرت أئمة العراق ، وقوله : عزمت عطف على زرت العراق ، ويدل عليه ما سيأتي من قوله : وكنت وافقت « إلخ » وما في الإرشاد إذ فيه قال : وردت العراق وعملت أن لا أخرج. « إلخ » وفي الإكمال هكذا قال : وضاق صدري ببغداد في مقامي فقلت في نفسي : أخاف أن لا أحج في هذه السنة ولا أنصرف إلى منزلي وقصدت إلى أبي جعفر أقتضيه جواب رقعة كنت كتبتها فقال : صر إلى المسجد الذي في مكان كذا وكذا فإنه يجيئك رجل يخبرك بما تحتاج إليه ، وذكر نحوا مما في الكتاب.
قوله : إلا عن بينة من أمري ، أي العلم ومزيد الاطمئنان بوجود القائم عليهالسلام أو بأنه عليهالسلام قبلني وعدني من شيعته ، وقيل : أي برهان يدل على أن جواب المكتوبين صدر عن الصاحب عليهالسلام « حتى أتصدق » على بناء المجهول ، أي أقبل الصدقة بعد ما فني زادي ونفقتي ، وقرأ بعض الأفاضل على بناء الفاعل وقال : أي أسأل الصدقة وهو كلام عامي غير فصيح ، قال ابن قتيبة : وما تضعه العامة غير موضعه قولهم هو يتصدق إذا سئل ، وذلك غلط إنما المتصدق المعطي ، وفي التنزيل : « وتصدق علينا » وأما المصدق بتخفيف الصاد فهو الذي يأخذ صدقات النعم.
أقول : وما ذكرنا أصوب.
__________________
(١) وفي المتن « فزرت » بالفاء.