كل سماء تربة وقبض قبضة أخرى من الأرض السابعة العليا إلى الأرض السابعة القصوى فأمر الله عز وجل كلمته فأمسك القبضة الأولى بيمينه والقبضة الأخرى بشماله ففلق الطين فلقتين فذرا من الأرض ذروا ومن السماوات ذروا فقال للذي بيمينه منك الرسل والأنبياء والأوصياء والصديقون والمؤمنون والسعداء ومن أريد كرامته فوجب لهم ما قال كما قال وقال للذي بشماله منك الجبارون
______________________________________________________
مِثْلَهُنَ » (١).
قوله عليهالسلام : ففلق الطين فلقتين ، ضمير فلق إما راجع إلى الله أو إلى جبرئيل ، وكذا قوله : فذرأ ، وفي القاموس فلقه يفلقه شقه كفلقه وفالق الحب خالقه أو شاقه بإخراج الورق منه ، وقال : ذرت الريح الشيء ذروا وأذرته وذرته أطارته وأذهبته وذرأ هو بنفسه.
أقول : الكلام يحتمل وجوها « الأول » أن يكون قوله : ففلق تفريعا وتأكيدا لما مضى ، أي فصار يقبض بعض الطين باليمين وبعضه بالشمال الطين صنفين ، ففرق من الأرض أي ما كان في يده من طين الأرض ، وكذا الثاني فقال الله أو جبرئيل للذي بيمينه قبل الذر أو للذي كان بيمينه بعده.
الثاني : أن يكون المعنى ففلق كل طين من الطينين فلقة أي جعل كلا منهما حصتين ففرق من كل طين حصة ليكون طينة للمستضعفين والأطفال والمجانين ، وقال لما بقي في اليمين : منك الرسل « إلخ » ولما بقي في الشمال : منك الجبارون « إلخ » وعلى هذا لعل إرجاع الضمائر إلى الله تعالى أولى ، فيقرأ أريد في الموضعين بصيغة المتكلم ، وعلى الوجه الآخر يقرأ بصيغة الغائب المجهول.
الثالث : ما ذكره بعض الأفاضل حيث قال : كان الفلق كناية عن إفراز ما يصلح من المادتين لخلق الإنسان ، وإنما ذرأ من كل منهما ما ذرأ لأنه كان فيهما ما ليس له مدخل في خلق الإنسان وإنما كان مادة لسائر الأكوان خاصة.
__________________
(١) سورة الطلاق : ١٢.