والمشركون والكافرون والطواغيت ومن أريد هوانه وشقوته فوجب لهم ما قال كما قال ثم إن الطينتين خلطتا جميعا وذلك قول الله عز وجل « إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى » (١) فالحب طينة المؤمنين التي ألقى الله عليها محبته والنوى طينة الكافرين الذين نأوا عن كل خير وإنما سمي النوى من أجل أنه نأى عن كل خير وتباعد عنه وقال الله عز وجل « يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ » (٢)
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : ثم إن الطينتين خلطتا ، أي ما كان في اليدين أو جميع الطينتين المذروء منهما وغير المذروء ، وقوله عليهالسلام : فالحب طينة المؤمنين ، هذا بطن من بطون الآية وعلى هذا التأويل المراد بالفلق شق كل منهما وإخراج الآخر منه أو شق كل منهما عن صاحبه أو خلقهما « من أجل أنه نأى » كان مناسبة نأى ونوى من جهة الاشتقاق الكبير المبني على توافق بعض حروف الكلمتين فإن الأول مهموز الوسط والثاني من المعتل ، ويحتمل أن يكون أصل المهموز من المعتل أو بالعكس ويؤيد أن صاحب المصباح المنير والراغب في المفردات ذكرا نأى في باب النون مع الواو ، أو يقال ليس الغرض بيان الاشتقاق بل بيان أن النوى بمعنى البعد ، وذكر نأى لتناسب اللفظين فإن الواوي أيضا يطلق بهذا المعنى ، قال في القاموس : النية الوجه الذي يذهب فيه والبعد كالنوى فيهما « انتهى ».
والآية في سورة الأنعام هكذا : « إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى » قال في مجمع البيان : أي شاق الحبة اليابسة الميتة فيخرج منه النبات وشاق النواة اليابسة فيخرج منها النخل والشجر ، وقيل : معناه خالق الحب والنوى ومنشإهما ومبدئهما ، وقيل : المراد به ما في الحبة والنواة من الشق ، وهو من عجيب قدرة الله تعالى في استوائه.
« يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ » أي يخرج النبات الغض
__________________
(١) سورة الأنعام : ٩٥.
(٢) سورة الأنعام : ٩٥.